هذا التقرير مهدى لجميع الأفراد الشجعان الذين تم اعتقالهم أو اختطافهم او قتلهم في سوريا في سبيل ان يحافظوا على مبادئ الدعم الإنساني.

ملخص تنفيذي

تتعرض مبادئ إنسانية أساسية كالنزاهة والاستقلالية وعدم الانحياز إلى انتهاكات خطيرة في سوريا، وهذه المرة على يد الأمم المتحدة نفسها.

فاختيار المنظمة الدولية تقديم التعاون مع الحكومة السورية كأولوية مطلقة على ما سواه، وبغض النظر عن الأثمان المدفوعة لهذا الخيار؛ أوصل الأمم المتحدة إلى منح حق توزيع مليارات الدولارات من المساعدات الدولية إلى طرف واحد فقط من النزاع. وقد ساهم هذا بدوره في مقتل آلاف من المدنيين، إمّا بسبب التجويع، أو بفعل الإصابة بأمراض ناجمة عن سوء التغذية، أو لعدم القدرة على الوصول  إلى المساعدات الطبية. وهو أمر أدى في نهاية المطاف إلى اتهام الأمم المتحدة بالتقصير في أداء واجبها، والتأثير على مسار الصراع  الدائر، بل وحتى إطالة أمده.

تتعرض مبادئ إنسانية أساسية كالنزاهة والاستقلالية وعدم الانحياز إلى انتهاكات خطيرة في سوريا، وهذه المرة على يد الأمم المتحدة نفسها.

يوثق هذا التقرير خروج الأمم المتحدة على الأطر والمبادئ الإنسانية الحاكمة لعملها، وذلك منذ فشلها المبكّر في إيصال المساعدات الى مدينة درعا المحاصرة من قبل الحكومة السورية في بداية الأحداث عام 2011. حيث وجهت الحكومة السورية تهديدات مباشرة إلى الأمم المتحدة بسحب التراخيص الممنوحة لها للعمل في سوريا، وإلغاء تأشيرات موظفيها غير السوريين، وذلك بهدف منع وصول المساعدات إلى درعا. ومنذ ذلك الحين؛ تستخدم الحكومة السورية هذا التهديد بشكل متواصل بغرض التحكم في مكان وزمان توزيع المساعدات، ناهيك عن تقريرمن هم المستفيدون منها.

وبدلاً من أن تعمل وكالات الأمم المتحدة على إيجاد صيغة موحدّة للتعاطي مع الحكومة السورية، ووضع شروط للتعاون معها، ورسم خطوط حمراء تحول دون انتهاك مبادئها الإنسانية؛ اختارت الأمم المتحدة الامتثال للقيود المفروضة من قبل الحكومة السورية على نشاطاتها وعملياتها على الأرض. وكنتيجة لذلك، درجت في الأمم المتحدة ثقافة الخضوع في التعاطي مع الحكومة. وبالتالي، لم تظهر وكالات الأمم المتحدة رغبة فعلية في ممارسة أي ضغط للوصول إلى المناطق الخارجة عن نطاق سيطرة الحكومة السورية. ووفق تقييم صدر مؤخراً عن الأمم المتحدة نفسها؛ فقد صرّحت وكالات الأمم المتحدة بأنها “بكل بساطة، لا تنوي المخاطرة بسير عملها في سوريا عبر اتخاذ موقف أشد صرامة تجاه الحكومة السورية. وأسباب هذا القرار خارجة عن نطاق هذا التقييم، ولكن سيتم التحقيق بجدية في هذا الأمر في وقت لاحق”.حسناً، هذا “الوقت اللاحق” حان موعده الآن.

لن يقتصر التحقيق في هذا التقرير على أسباب فشل الأمم المتحدة في اتخاذ موقف صارم من الحكومة السورية؛ وإنما سيتطرق أيضاً إلى تأثير هذا الفشل على المدنيين السوريين،وعلى الصراع القائم نفسه. 1

في واقع الأمر، فإنّ الأمم المتحدة قد منحت الحكومة السورية حق النقض “الفيتو” في مسألة تقرير وصول المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرتها، الأمر الذي أتاح لهذه الحكومة استخدام الحصار كسلاح في هذه الحرب.

إنّ تسليم الحكومة السورية مقاليد التحكم في إيصال المساعدات وتوزيعها يعرقل قدرة الأمم المتحدة على إيصال هذه المساعدات إلى الفئات التي هي في أمس الحاجة إليها، وذلك في ظل انتشار المحتاجين إلى مثل هذه المساعدات في كافة أنحاء البلاد.

وحتّى هذا التاريخ، فإن الأمم المتحدة لم تنفذ عملية إدخال مساعدات واحدة انطلاقاً من دمشق دون الحصول على موافقة من الحكومة السورية، وذلك على الرغم من القرارات المتعددة التي سبق لمجلس الأمن إصدارها للحيلولة دون ذلك.  

لقد سمحت الأمم المتحدة للحكومة السورية بإدارة عملية توجيه المساعدات من دمشق داخل الأراضي الواقعة تحت السيطرة الحكومية بشكل حصري تقريباً. ففي شهر نيسان/أبريل من العام 2016، بلغت نسبة المساعدات الغذائية التي وزعت في المناطق الخاضعة للسيطرة الحكومية 88% من جملة المساعدات الغذائية الموزعة في الداخل السوري.  فيما ذهبت نسبة 12%  إلى  المناطق الخارجة عن سيطرتها.2 كما يمكننا أن نرى أمثلة بالغة الوضوح خلال أشهر بعينها، تكشف عن استغلال الحكومة السورية لمساعدات الأمم المتحدة خدمة لأغراض أجندتها الحكومية الخاصة. ففي شهر آب/أغسطس من العام  2015 وجهت الحكومة السورية أكثر من 99٪ من مساعدات الأمم المتحدة داخل البلاد إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.3 وفي عام 2015  لم تتجاوز نسبة المساعدات الغذائية التي تلقتها المناطق الخاضعة للحصار 1٪ من نسبة المساعدات المعتمدة شهرياً.4

إنّ قرارات إيصال المساعدات ضمن الأراضي السورية تتخذ عادة عبر مفاوضات تجريها الأمم المتحدة مع الحكومة السورية. بيد أنّ فشل الأمم المتحدة في رسم خطوط حمراء لعملها في سوريا أدى في النهاية إلى إضعاف موقفها التفاوضي.  فالحكومة السورية باتت تعلم اليوم بعدم وجود عواقب تردعها لعرقلتها دخول المساعدات إلى المناطق الخارجة عن سيطرتها، وبأنّها، في كلّ الأحوال، ستستمر في استلام مليارات الدولارات من مساعدات المنظمة الدولية.  وهذا هو السبب الجوهري في الفشل الذي تمنى به مفاوضات إدخال المساعدات في الغالب الأعم من الحالات.  وطوال العام 2015 فإن ما يقارب 75% من طلبات الأمم المتحدة لإيصال المساعدات في سوريا لم تلق أي إستجابة من جانب الحكومة السورية.5

إنّ المحاولات الأولى لتجاوز هيمنة الحكومة السورية على المساعدات من خلال توزيعها عبر الحدود من دول الجوار السوري لاقت اعتراضات من قبل بعض الأطراف في الأمم المتحدة. وحتى هذا اليوم،  ومع وجود آلية قائمة للتوزيع عبر الحدود، فإنّ الأمم المتحدة لم تنتهز هذه الفرصة المتاحة على النحو الأمثل، وذلك لخشيتها على تضرر علاقاتها مع الحكومة السورية.

إنّ سلامة العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية ليست المعيار الأساس فيما يتعلق بإيصال المساعدات في سوريا. وذلك على الرغم من أن المسؤولين الرئيسيين عن توزيع المساعدات من قبل الأمم المتحدة كثيراً ما أشاروا إلى وجود مخاوف أمنية بغرض تمييع الانتقادات الموجهة ضدهم  نتيجة التوزيع المجتزء لهذه المساعدات. لقد مرّت قوافل الأمم المتحدة عبر المناطق الخاضعة للحصار والتي لم تصلها أية مساعدات منذ شهور عديدة، لا بغرض إيصال المساعدات إلى المحاصرين، وإنّما بهدف العبور إلى مناطق أخرى. والسبب الذي لم تتوقف من أجله تلك القوافل لإنزال المساعدات كان عدم حصولها على إذن حكومي بذلك، وليس بسبب انعدام الأمن. وتشير دراسة أجرتها الأمم المتحدة إلى أنّ إيصال المساعدات كان محدوداً “لأسباب داخلية سياسية واستراتيجية أكثر منها أسباباً متعلقة بالأمن “.6

تجري عملية إيصال المساعدات ميدانياً بإدارة وإشراف الهلال الأحمر العربي السوري. على مستوى الأطراف، يحافظ متطوعو الهلال الأحمر على سمعتهم كأناس نزيهين مستعدين للتضحية بأنفسهم، إذ أن العديد منهم قتلوا على يد الحكومة السورية أثناء محاولتهم إيصال المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها. بيد أنّ المستوى الأعلى من منظمة الهلال الأحمر السوري، حيث يتم إصدار القرارات، فإن الهلال الأحمر هو عبارة عن امتداد للحكومة السورية نفسها. ما يضع إستقلالية الأمم المتحدة في دائرة خطر حقيقي.  

إنّ إذعان الأمم المتحدة وخضوعها للدور المهيمن للحكومة السورية في صياغة وثائق استراتيجية رئيسية، إضافة إلى ما وفّرته المنظمة الدولية من دعم مثير للجدل للهدن المحلية في المناطق التي كانت خاضعة للحصار من قبل الحكومة السورية، علاوة على الفشل الأممي المنهجي في الإعتراف بالمناطق المحاصرة وتصنيفها؛ كلّها عوامل تساهم أكثر فأكثر في إضعاف المبادئ الإنسانية للأمم المتحدة.

يرفع الموقعون على هذا التقرير توصية عاجلة إلى الأمم المتحدة لوضع عدد من الشروط والمعايير المعلنة التي يمكن لوكالات الأمم المتحدة في ضوئها أن تتعاون مع الحكومة السورية من دون أن تخلّ بمعايير النزاهة، والإستقلالية، وعدم الإنحياز. وفي حال لم تلتزم الحكومة السورية بهذه الشروط، فإنه ينبغي على الأمم المتحدة أن توقف تعاونها مع الحكومة السورية.

إنّ عمليّات الإغاثة التي تديرها الأمم المتحدة والتي تنتهك المبادئ والمعايير الإنسانية للمنظمة الدولية أمر يهدد بجعل الأمم المتحدة طرفاً في هذا النزاع، ويضع المنظمة الدولية الأممية  في موضع الإتهام بالتسبب بالضرر، والمشاركة فيه.  

المنهجية

أجرى الباحثون والباحثات، خلال التحضير لهذا التقرير، أكثر من خمسين مقابلة مع عاملين وعاملات في المجال الإنساني من حملة الجنسية السورية وغيرها من الجنسيات الأخرى، ومع مسؤولين في الأمم المتحدة، ومسؤولين عن تقييم عمل وكالات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مواطنين ومواطنات سوريين يعيشون تحت الحصار ممن سبق لهم العمل في مجال الإغاثة.

موظفو الأمم المتحدة الذين تمت مقابلتهم، هم إمّا مسؤولون  حاليون أو سابقون ممن شاركوا في عمليات الإغاثة في سوريا انطلاقاَ من دمشق أو من الدول المجاورة. وقد تم إخفاء هوية الأشخاص الذين أجريت معهم هذه المقابلات حماية لوضعهم الوظيفي الحالي، ولسلامتهم وأمنهم الشخصيين.  كما تم إخفاء أسماء الوكالات التي يعملون بها والمناصب التي يشغلونها.

نقصد في هذا التقرير بتعبير “الأمم المتحدة” وكالات الأمم المتحدة التي تعمل في سوريا، بما في ذلك “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” (OCHA)، و”برنامج الأغذية العالمي” (WFP)، و”منظمة الصحة العالمية” (WHO)، و”المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” (UNHCR)، و”وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين” (UNRWA)، و”برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” (UNDP)، و”منظمة الأغذية والزراعة” (FAO)، و”منظمة الهجرة الدولية” (IMO)، و”برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، الموئل” (UN HABITAT)، و”منظمة الأمم المتحدة للطفولة” (UNICEF).وتشكل هذه الوكالات “فريق عمل الأمم المتحدة في سوريا”، والذي يقوده “مكتب منسق الشؤون الإنسانية”.

أجرى الباحثون والباحثات، خلال التحضير لهذا التقرير، أكثر من خمسين مقابلة مع عاملين وعاملات في المجال الإنساني من حملة الجنسية السورية وغيرها من الجنسيات الأخرى، ومع مسؤولين في الأمم المتحدة، ومسؤولين عن تقييم عمل وكالات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مواطنين ومواطنات سوريين يعيشون تحت الحصار ممن سبق لهم العمل في مجال الإغاثة.

تقع المسؤولية على هذه الوكالات بدرجات متفاوتة لجهة الإبتعاد عن تطبيق المبادئ الإنسانية. وفي حين تشير النقاشات إلى أنّ بعض الوكلات تفضل تقييم عملها بشكل منفصل عن الأمم المتحدة؛ فإنه يجدر بنا الإشارة هنا إلى أنّه لا زال يُنظر إلى تأثير عمل هذه الوكالات بصفته قائماً تحت المظلة الأكبر لعمل الأمم المتحدة في مجال المساعدات الإنسانية. بعبارة أخرى، يمكن لنا القول إنّه على الرغم مما قد يعترض عليه “برنامج الأغذية العالمي” (WFP)، مثلاً، من وجود ارتباط له بتقصير “منظمة الصحة العالمية” (WHO)، و العكس صحيح، فإنّ محصلة الضرر الذي يخلفه تقصير أحد الوكالات يُنظر إليه من قبل المتضررين أنفسهم كضرر ناجم عن تقصير “الأمم المتحدة” ككل.

إن استخدام تعبير “الأمم المتحدة” في هذه المذكرة لا يشمل “مجلس الأمن الدولي  (UNSC). كما لا يتناول هذا التقرير جهود الأمم المتحدة الإنسانية في البلدان المجاورة لسوريا، وإنما داخل سوريا فقط. كما أن الأرقام والمعطيات التي يتضمنها تعدّ دقيقة حتى تاريخ الأول من مايو/أيار 2016.

التوصيات

لقد تمّ توجيه السؤال التالي إلى جميع موظفي الأمم المتحدة، وإلى القائمين على جهود تقييم عمل الوكالات العاملة في المجال الإنساني، وإلى العاملين في ذلك المجال ممن تمت مقابلتهم بغرض إعداد هذا التقرير:

“هل أجرت الأمم المتحدة، بحسب معلوماتك، أي تقييم يهدف إلى معرفة ما إذا كانت التنازلات المقدمة إلى الحكومة السورية قد تخطت حدودها؟”، وكان الجواب دائماً هو: “كلا”. 

وقد خلصت دراسة شملت جميع عمليات تقييم عمل الأمم المتحدة حتى هذا التاريخ إلى أنّ “تطبيق مبادئ العمل الإنساني في النزاهة، وعدم الانحياز، والإستقلالية، على وجه الخصوص، لم تنل سوى اهتمام ضئيل في تلك التقارير. وهذا أمر غريب. لا سيما في ظل التحديات الواضحة جداً أمام توزيع المساعدات دون تحيّز في سوريا نفسها”.

إنّ الأمم المتحدة لم تضع، خلال السنوات الخمس الماضية، أية شروط واضحة تحكم تعاونها مع الحكومة السورية. كما أنّ الأمم المتحدة لم تحاول تقييم مدى إنحرافها عن مبادئ الاستقلال والنزاهة وعدم الانحياز.  

ونتيجة عدم تمكنها من السير على ضوء معاييرها، وإظهارها اهتماماً متواضعاً للغاية في العودة إلى صراط هذه المبادئ؛ فإنّ الأمم المتحدة تواجه في سوريا اتهاماً بالغ الخطورة: وهو التسبب بالأذى، وإلحاق الضرر بالآخرين. 

1.1        الى الأمين العام للأمم المتحدة

  •   ضع خطاً أحمر .

      يجب، وبشكل فوري، وضع عدد من المعايير المعلنة التي يمكن لوكالات الأمم المتحدة بموجبها أن تتفاوض مع الحكومة السورية دون أن تتنازل عن مبادئها الإنسانية. ويجب أن تركّز هذه المعايير على تقديم المساعدات إلى من هم في أمس الحاجة إليها بطرق بعيدة كل البعد عن الانحياز.

  •   إفرض احترام هذا الخط الأحمر.

     في حال لم تستوف الحكومة السورية هذه المعايير؛ يجب على الأمم المتحدة أن تنسحب من آلية التعاون هذه مع الحكومة السورية. إذا كان عمل الأمم المتحدة يؤدي الى إنتهاك المبادئ الأساسية للأمم المتحدة نفسها؛ فإن الأمم المتحدة ستمسي بالتالي طرفاً في هذا النزاع، وهو أمر قد يؤدي بدوره إلى إطالة أمد العنف.

1.2 الى الحكومات المانحة للأمم المتحدة

  •       كونوا مانحين مبدئيين

     يجب عليكم مطالبة الأمم المتحدة بمعاييرمعلنة تحكم سير عملها خلال وجودها في دمشق. كما يجب عليكم جعل تمويلكم مشروطاً بهذه المعايير من أجل التأكد من عدم استخدام هذه الأموال في تأجيج الصراع من خلال الافتقاد إلى معايير النزاهة، والإستقلالية، وعدم الانحياز لدى الأمم المتحدة.

1.3 الى المنظمات غير الحكومية الدولية

  • ركزوا على مبادئكم

يجب عليكم تحديد مجموعة من المعايير المعلنة التي يمكن لمنظماتكم بموجبها التعاون مع الحكومة السورية مع الحفاظ على مبادئكم الإنسانية. في حال لم يكن ذلك ممكناً، عليكم أن تنسحبوا من دمشق.

إن كل من المنظمات السورية الإنسانية والمجالس المحلية ومنظمات المجتمع المدني التالية أسمائهم قد شاركت فيالتوقيع على الملخص التنفيذي والتوصيات الواردة في التقرير:

  1. الدفاع المدني السوري  ( القبعات البيضاء )  
  2. بسمة و زيتونة
  3. إتحاد المجالس المحلية
  4. Karam Foundation
  5. فريق الطوارئ السوري
  6. كش ملك
  7. المنتدى السوري
  8. دولتي
  9. نساء الآن للتنمية
  10. بيتنا سوريا
  11. بديل
  12. المكتب الطبي الموحد للغوطة الشرقية
  13. Human Care Foundation
  14. اليوم التالي
  15. مؤسسة شام للتنمية الاجتماعية
  16. السراج للتنمية
  17. الشبكة السورية لحقوق الإنسان
  18. مركز توثيق الانتهاكات في سوريا
  19. قمرة
  20. شبكة المرأة السورية
  21. مديرية صحة الساحل
  22. مجلس مدينة حلب الطبي
  23. مؤسسة الشام الإنسانية
  24. المجلس المحلي لمدينة دير الزور
  25. مجلس محافظة حمص الحرة
  26. المجلس المحلي لمدينة دوما
  27. المجلس المحلي لمدينة أريحا
  28. المجلس المحلي لمدينة داريا
  29. المجلس المحلي لمدينة حماه
  30. الدفاع المدني السوري في ريف دمشق ( القبعات البيضاء )  
  31. المركز المدني في مدينة الأتارب
  32. مركز حمص الإعلامي
  33. مركز مسار
  34. اتحاد منظمات المجتمع المدني السوري
  35. مجموعة إنقاذ روح للإغاثة الطبية و التنمية
  36. سوريانا الأمل
  37. منظمة للكل
  38. منظمة فزعة
  39. حلول
  40. أيميسا للتنمية
  41. المؤسسة الدولية لدعم المرأة
  42. تجمع المحاميين السوريين الأحرار
  43. إتحاد ثوار حلب
  44. مركز السلام و بناء المجتمع
  45. منظمة ناشطون سوريون للرصد   
  46. مركز نقاء
  47. منظمة حرية السورية
  48. مؤسسة شام الحقوقي
  49. مركز آفاق للدراسات و الاستشارات
  50. عين المدينة
  51. منظمة الكواكبي لحقوق الانسان
  52. المنظمة العربية لحقوق الانسان في سوريا
  53. مؤسسة رصد للتوثيق و حقوق الإنسان
  54. هيومانا
  55. تجمع يد بيد في الجولان
  56. فسحة أمل
  57. مركز Hooz
  58. بيت الحكمة
  59. المركز السوري للدراسات و الأبحاث القانونية
  60. مركز افاق للذراسات والاستشارات
  61. مركز ترست للتدريب و الابداع
  62. شبان نحو المستقبل
  63. اتحاد ثوار سلمية

1 مقدمة: الدور المسيّس للمساعدات في الصراع في سوريا

1.1 السلطة السيادية والإذن للعمل

منذ بداية الصراع في العام 2011، استخدمت الحكومة السورية التهديد بالطرد لتقييد لتقييد العمل الذي كانت تقوم به الامم المتحدة، اماكن عملها ولمن تقوم بتقديم المساعدة.

كقوة سيادية، تملك الحكومة السورية السلطة لمنح أو حجب الإذن بالعمل في دمشق للأمم المتحدة. كما تملك السلطة لمنح أو حجب تأشيرات الدخول لعاملي وعاملات الأمم المتحدة غير السوريين.

في حين تحتاج الأمم المتحدة الإذن للعمل، فالحكومة السورية هي أيضاً بحاجة لمساعدات الأمم المتحدة لدعم عدد كبير من مواطنيها. يقول دافيد ميليباند رئيس لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) “لا يمكن لنظام الأسد أن يطرد الأمم المتحدة من دمشق. الأمم

المتحدة تطعم العديد من الناس التابعين له (الأسد)”.7
مسؤول سابق للأمم المتحدة في دمشق أورد خلال تقييم عن برنامج الأغذية العالمي (WFP)، “لو أنهم هددوا بالمغادرة، سيحصل شئ ما. لا يمكن للحكومة أن تخسر هذه المساعدات”. تملك الأمم المتحدة نفوذ على الحكومة السورية أكثر مما مارست .

مع تدهور الوضع الإنساني في سوريا، فإن “المشاركة في لعبة الحكومة” كما يسميها مسؤول سابق في الأمم المتحدة، أصبحت مبررة لا وبل ضرورية من قبل الأمم المتحدة من أجل الوصول إلى من هم بحاجة للمساعدة. ورد في تقييم عن عمل برنامج الأغذية العالمي في سوريا أن “الإدارة رأت أن مصلحتها بإيصال الغذاء إلى أكبر عدد من المحتاجين تتحقق عبر الحفاظ على علاقات وطيدة مع الحكومة السورية والتفاوض الخفي بهدف الحصول على منفذ لإيصال المساعدات”.8

مع ذلك، فإن وصول المساعدات الإنسانية لم يتزايد، في الواقع حصل العكس تماماً. أكثر من مليون شخص في سوريا يعيشون الآن تحت الحصار،9
الحكومة متورطة في حصار 99% من الأشخاص في المناطق المحاصرة .( انظر التوضيح في الصفحة 33)10

يوجد خلل حاد في كميّة ونوعيّة المساعدات بين المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة ومناطق خارج نطاق سيطرتها. في بعض الحالات، يحصل ذلك بسبب أن بعض المجموعات المتشددة، مثل (داعش) تمنع دخول الأمم المتحدّة. في معظم الحالات، يحصل ذلك لأن الحكومة تتقصّد معاقبة المناطق الخارجة عن سيطرتها عبر حرمانها من المساعدات الإنسانية.

على خلفية ذلك، الآلاف توفوا لأسباب مرتبطة بسوء التغذية ونقص العلاج الطبي، ومئات المدنيين جاعوا حتى الموت،11
بعضهم على بعد دقائق فقط من الفنادق الخمس نجوم حيث يقيم العديد من موظّفي الامم المتحدة الدوليين.

الحكومة متورطة في حصار 99% من الأشخاص في المناطق المحاصرة

1.2 الأمن ومنح القبول

الأمن لم يكن يوماً القيد الأساسي بوجه مساعدات منظمة الأمم المتحدة في سوريا.

فيما تعمل الأمم المتحدة في بيئة خطيرة ومخاوف أمنية حقيقية في سوريا، فإن خسارتها لمبادئها الإنسانية أتت نتيجة لخضوعها لقيود الحكومة السوريّة وليس كنتيجة طبيعية للوضع الامني.

مسؤول مساعدات في الأمم المتحدّة شرح أن أمن موظفي الأمم المتحدة يتم تحديده بالاتفاق مع الحكومة السورية. ليس هناك تقييم مستقل تقرّره الأمم المتحدة. وبذلك تبقى مسألة الأمن مفتوحة للتلاعب من قبل الحكومة السورية.

غالباً ما ينوه مسؤولو الأمم المتحدة إلى التحديات التي يواجهونها فيما يتعلق بمخاوفهم الأمنية بخصوص بمسألة الحيادية، ورفضهم لإيصال المساعدات عبر خطوط النزاع دون انتظارهم لإذن الحكومة السورية. وحتى هذا التاريخ لم يتم الإعلان عن قوافل مساعدات تمت المطالبة بإعطائها حق الدخول، ولا تمت تسمية وفضح المسؤولين عن تهديد أمن مثل هذه القوافل.

حتى أن قوافل الأمم المتحدة مرّت عبر مناطق محاصرة للوصول إلى مواقع أخرى، مما يؤكد مرّة أخرى أن المسألة مرتبطة بموافقة الحكومة السورية وليس بالأمن. كما يقول مستشار الأمم المتحدة جان أجلاند “إن قوافل الأمم المتحدة تمرّ عبر دوما إلى كفربطنا، لماذا لا يسمح لهم بالبقاء والإفراغ في دوما؟”12

إحدى الدراسات المفوّضة من الأمم المتحدة عن كل التقارير العلنيّة الموجودة وجدت أن “مساحات العمل الإنساني الدولي محدودة وبشكل خاص داخل سوريا، وكما يبدو لأسباب سياسية داخلية واستراتيجية أكثر منها أمنية.”13

حتى أن قوافل الأمم المتحدة مرّت عبر مناطق محاصرة للوصول إلى مواقع أخرى، مما يؤكد مرّة أخرى أن المسألة مرتبطة بموافقة الحكومة السورية وليس بالأمن.

2 قصة درعا – كيف بدأت

2.1 الحصار الأول

إستسلام الأمم المتّحدة لتعطيل الحكومة السورية لعملية توزيع المساعدات الحيويّة بدأ خلال أسابيع من إنتفاضة ال2011.

في أذار 2011, على خلفية سلسلة الإنتفاضات الشعبية التي اجتاحت المنطقة, نزلت مجموعة من سكان مدينة درعا إلى الشارع في مظاهرات ضد الحكومة.جاء الرد العسكري سريعاً من قبل نظام بشار الأسد وبلغ ذروته بحصار كامل على المنطقة, حيث قطعت جميع المنافذ والطرق لداخل المدينة.

بعد بضعة أسابيع من بدء الحصار, أصدرت الأمم المتحدة مناشدة بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى داخل المنطقة, خاصةً لمرضى السكّري الذين لا يحظون بغسيل كلى.

أفاد مسؤول في منظمة الامم المتحدة بأنه كانت هنالك مخطط لدخول درعا مع مساعدات إنسانية على الاقل من قبل منظمة واحدة ، ولكن الأمم المتحدة تعرّضت للتهديد. المسؤول نفسه يصف كيف أن ممثّل عن الحكومة السورية أخبره أنه في حال حصلت أي محاولة لإيصال المساعدات إلى داخل درعا، سوف يتم

سحب تأشيرات الدخول من موظفي الأمم المتحدة وبالتالي سيتوجّب عليهم مغادرة دمشق. طلب من ممثل الأمم المتحدة هذا أن ينقل الرسالة إلى رئيس وكالته.

مسؤول آخر في الأمم المتحدة كان يصف كيف أن فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري، أوضح لجميع فروع منظمة الأمم المتحدة التي تعمل في سوريا منذ آذار 2011 أن وزارة الشؤون الخارجية هي المسيطرة وأنها لن تتردد بمعاقبة الأمم المتحدة وموظفيها في حال محاولتهم تحدي الحكومة.

أدان مقداد مسؤول آخر في الأمم المتحدة لتعميمه حالة ما يقارب ثلاثين مريض سكّري تحت حصار درعا بحاجة إلى غسيل كلى.

وصف مسؤول آخر في الأمم المتحدة كيف أن خلال زيارات أخرى في أرجاء البلد في العام 2011 لازم عناصر المخابرات موظفي الأمم المتحدة. بدأ وزراء الدولة يرافقونهم في رحلاتهم. تدريجياً، لم تعد الوزارات تمنح الأمم المتحدة الأذن بالزيارة. شيئاً فشيئاً، بدأت وزارة الصحّة و زارة التعليم و وزارة الشؤون الاجتماعية يرفضون طلب الإذن… أصبحت الوزارات تخشى منح الإذن لأن المخابرات استولت على الوضع. العذر الرسمي كان الوضع الأمني، ولكن مسؤول الأمم المتحدة يعتقد أن السبب كان “استيلاء المخابرات على سلطة صنع القرار نيابة عن الوزارات.”

إستسلام الأمم المتّحدة لتعطيل الحكومة السورية لعملية توزيع المساعدات الحيويّة بدأ خلال أسابيع من إنتفاضة ال2011.

2.2 الإنقسام بين الوكالات

فشلت منظمة الأمم المتحدة في تقديم جبهة موحدة في المطالبة بإيصال المساعدات في بداية الأحداث مع بعض الوكالات ”اليائسة للحفاظ على مكانتها في دمشق”، وفقاً لمسؤول في الأمم المتحدة.

رداً على القيود المادية والتهديد اللفظي من قبل الحكومة السورية في أوائل العام 2011 اجتمعت وكالات الأمم المتحدة الموجودة في دمشق بهدف وضع اتفاقية مشتركة بوجه هذه التحديات، وفق حديث أحد المشاركين، أرادوا إيصال رسالة إلى الحكومة السورية تقول “كلّنا منظمة أمم متحدة واحدة.”

فشلت هذه المحاولة. على الرغم من جهود إثنتين من وكالات الأمم المتحدة الحاضرة، الشعور الغامر في غرفة الإجتماع كما يصف أحد الحاضرين، كان الرفض المطلق لهذه الاتفاقية المشتركة. ” كانوا يقومون بأي شيء للحفاظ على رضى الحكومة.”

شخص آخر من الحاضرين في الاجتماع قال إن الحديث بالإجماع في الغرفة كان “دعوا الأمم المتحدة في نيويورك تتحدّث، دعوا مدرائنا يتحدّثون نيابةً عنّا. علينا الإلتزام بالصمت… علينا أن نبقي رؤوسنا موطئة… علينا أن نحاول أن نبقى ودّيين مع الحكومة.”

“دعوا الأمم المتحدة في نيويورك تتحدّث، دعوا مدرائنا يتحدّثون نيابةً عنّا. علينا الإلتزام بالصمت… علينا أن نبقي رؤوسنا موطئة… علينا أن نحاول أن نبقى ودّيين مع الحكومة.”

2.3 أمم متحدة من دون خطوط حمراء

منذ البدء, لم تتحلَّ الأمم المتحدة بالشجاعة، الإستقلالية والوحدة لتضع شروطاً لعملها داخل سوريا ولتحديد خطوطها الحمراء.

لم تكسر منظمة الأمم المتحدة يوماً حصار درعا. قرّرت ان تمتنع عن إيصال المساعدات إلى المدينة المحاصرة لتفادي إغضاب الحكومة والمجازفة بالطرد من دمشق. هذه المقاربة أدّت إلى سابقة في كيفيّة تعامل الأمم المتحدة مع الحكومة السوريّة وأثر ذلك على إيصال المساعدات الإنسانية.

بعد ما حصل في درعا, علمت الحكومة السوريّة أنّها قادرة على التحكم بشكل عمل مساعدات الأمم المتحدة دون عواقب. على مدى الخمسة أعوام اللاحقة، امتد نهج التجويع الجماعي للمدنيين إلى مناطق مثل اليرموك، حمص ومضايا.

بعد ما حصل في درعا, علمت الحكومة السوريّة أنّها قادرة على التحكم بشكل عمل مساعدات الأمم المتحدة دون عواقب

مسؤول سابق في الأمم المتحدة في دمشق قال إنه “كان يجب على الأمم المتحدة أن تلتزم بمبادئها منذ اليوم الأوّل. كان عليهم أن يسجّلوا موقف حينها”. رئيس منظمة إنسانية كبرى تعمل مع الأمم المتحدة قال إن الطريقة المنطقيّة كانت يجب أن تكون بـ”وضع شروطك الخاصة للعمل في البلد”.

فرصة أخرى تم ضياعها لوضع شروط العمل في آخر العام 2012 عندما أصدرت الأمم المتحدة خطة الاستجابة للعام 2013 بالإشتراك مع الحكومة السورية , هذة الخطة وضعت استراتيجية عمل إنسانية وحددت ميزانية لجمع التبرعات خلال مؤتمر لاحق للمموّلين.

على حد تعبير مسؤول في الأمم المتحدة “الأمم المتحدة أضاعت تلك الفرصة في العام 2012 وأثبتت للحكومة أنها على استعداد لتكون شريكتها وبذلك أضاعت نفوذها. كان على المناقشة أن تحصل في العام 2012 وكان علينا جميعاً أن نقف وقفة واحدة. كان علينا أن نقول أنكم إن أبقيتمونا صامتين سنرحل جميعنا. كانت الأمم المتحدة توّاقة إلى التسويق لنفسها إلى درجة أنها تخلّت عن القوّة التي كانت تملكها حينها. الآن بات الأمر أصعب بكثير .”

الآن، ورد في تقييم OCHA “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الاجتماعية” الحكومة حاولت أن تفرض نفسها على كل جوانب الإستجابة، رافضةً الإعتراف بدور ال OCHA كمنسّق للمساعدات الإنسانية”. 14

دروس لم تتعلمها الأمم المتحدة في سريلانكا

غالباً ما تتم رواية قصة فشل الأمم المتحدة في سريلانكا كتدبير إحترازي أثناء محادثات تجري بين مسؤولي الأمم المتحدة ومنظمات الدعم الأخرى. بعد انتقاد عمل الأمم المتحدة في سريلانكا في العام 2009 خلال الصراع، عقد الأمين العام بان كي مون لجنة مراجعة داخلية لتقييم العملية وتقديم التوصيات. كشفت اللجنة عن عيوب كبيرة داخل نظام الأمم المتحدة الذي تسبب في فشلها بتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب السريلانكي. وصف تقرير اللجنة كيف أن علاقة الأمم المتحدة بالحكومة السريلانكية وتقصير الأمم المتحدة أدى الى فشلها في حماية المدنيين في سريلانكا، فضلا عن فشلها في معالجة والإعلان عن المشاكل المتعلقة بحقوق الإنسان.
أوجه الشبه مع سوريا صادمة. قال أحد المسؤولين في الأمم المتحدة “قراءة تقرير سريلانكا يعطيك شعور بأنك تقرأ تقريراً حول سوريا اليوم”. وصفت لجنة المراجعة “ثقافة المقايضات” في ما يخص التنازلات مع الحكومة في سريلانكا مثل الرقابة الذاتية بحجة الإبقاء على وصول العمل الإنساني.15
ومع ذلك، وجدت اللجنة أن “الامم المتحدة تملك القدرة على السعي في الوقت نفسه إلى وصول المساعدات الإنسانية بينما تدين بقوة مرتكبي عمليات قتل المدنيين”.16
يسيطر الخوف من إلغاء التأشيرات أو منع مواصلة العمل الإنساني على موظفي الأمم المتحدة في حال قاموا بإغضاب الحكومة السريلانكية. وهكذا تم إقصاء قضايا حقوق الإنسان بشكل متعمد. كانت هناك محاولات للتقليل من شأن وأعداد الضحايا من قبل المنسق المقيم للأمم المتحدة وكذلك وكيل الأمين للشؤون الإنسانية. واستمر هذا السلوك حتى عندما كانت قدرة الوصول إلى المناطق المتضررة “شبه معدومة”.17
وتم وصف الفريق المحلي للأمم المتحدة في سريلانكا على انه “غير فعال أبداً” و “ضعيف”.18
وقال مدير الأمم المتحدة في هيومن رايتس ووتش “برهنت محاولات الأمم المتحدة لاسترضاء الحكومة السريلانكية بينما كانت ترتكب الجرائم الجماعية ضد شعبها أنها خطأ قاتل”.19

تعهد الأمين العام بان كي-مون أن يتعلم من الدروس الناتجة عن التقرير ووعد أن النتائج سيكون لها “آثار عميقة” على عملهم حول العالم.20
وتم وضع سياسة “حقوق الإنسان أولاً” من أجل تأكيد الإلتزام بحقوق الإنسان على صعيد المؤسسة. كما استخدم بان كي-مون الحالة في سوريا بمثابة تذكير بحماية المدنيين. ولكن لم تتعلم الأمم المتحدة من دروس سريلانكا. الفشل نفسه في المؤسسة حين كانت تعمل في سريلانكا سمح للأمم المتحدة في سوريا بكسر المبادئ الإنسانية.

رسائل من العالم الموازي – الصحة


21 22 23

3. خسارة الأمم المتحدة لنزاهتها في سوريا

تعريف النزاهة :
“إن العمل الإنساني يجب أن يتم على أساس الحاجة وحدها، مع إعطاء الأولوية للحالات الأكثر عوزا ولا فرق على أساس الجنسية أو العرق أو الجنس أو المعتقد الديني أو الطبقة الاجتماعية أو الآراء السياسية”.

3.1 الأشخاص من هم في أمس الحاجة للمساعدات الإنسانية:

حيث أن هناك أشخاص هم أمس حاجة للمساعدات الإنسانية و متواجدين في مختلف المناطق في سوريا و النازحين داخلياً على وجه الخصوص، و هم أكثر عرضة للمخاطر حيث يقطنون في المناطق خارج سيطرة الحكومة السورية.

يعود ذلك الى عدة عوامل من ضمنها الضربات الجوية التي تستهدف هذه المناطق، تدمير المرافق الطبية، منع المساعدات من الوصول الى تلك المناطق، بالإضافة الى استخدام تكتيك الحصار كسلاح حرب.

يعيش أكثر من مليون إنسان في سوريا تحت الحصار، دون طعام ومياه ودواء وكهرباء.24
99% من المناطق المحاصرة يتم حصارها من قبل الحكومة السورية.25
كل حالة من ضمن مئات حالات المجاعة التي حصلت في سوريا كانت في أحد المناطق المحاصرة من قبل الحكومة السورية وحلفائها.26

ما يقارب الـ 4,6 مليون شخص يعيشون داخل ما تصنفه الأمم المتحدة كمناطق “يصعب الوصول إليها”.مجدداً،27
الغالبية العظمى يقطنون المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.

3.2 المساعدات العابرة لخطوط الصراع والعابرة للحدود

سجلّ الأمم المتحدة حول توصيل المساعدات عبر خطوط الصراع
لم تقم الأمم المتحدة بأي عملية توصيل للمساعدات الى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية دون وجود إذن من دمشق، على الرغم من وجود عدة قرارات صادرة عن مجلس الأمن معاقبة لذلك .

تقديم المساعدات عبر خطوط النزاع – “الذهاب عبر الخطوط” – هو السبيل الوحيد أمام الأمم المتحدة للوصول الى من يقطنون المناطق المحاصرة والمناطق التي يصعب الوصول إليها من قلب عملياتها الإغاثية في دمشق.

ما زالت وكالات الأمم المتحدة العاملة في سوريا تلزم بعملية معقدة من أجل الحصول على موافقة من أجل توصيل المساعدات. حتى الآن، يجب على جميع البعثات الميدانية والقوافل ان: 1) ترسل طلب الى وزارة الخارجية قبل 72 ساعة، 2) تحصل على رسالة تنسيق من الهلال الأحمر العربي السوري في حال تم الحصول على موافقة وزارة الخارجية، 3) تحصل على رسالة تنسيق من قبل وزارة الشؤون الإجتماعية، 4) في حالة الدعم الطبي يجب الحصول على رسالة إضافية من قبل وزارة الصحة.28

أعلن احد المسؤولين في الأمم المتحدة ان هذه “المنظومة المفروضة منهكة وهذه ليست طريقة يمكن من خلالها تشغيل برنامج إنساني. وجود وزارة الخارجية كنظير أول وأساسي هو بمثابة موافقة على الطبيعة السياسية للتفاعل بين الأمم المتحدة والسلطات السورية”.

في عام 2015 طلب واحد فقط مقابل عشرة طلبات (من أصل 113 طلب) من أجل الحصول على إذن للعبور الى المناطق المحاصرة او المناطق صعبة الوصول والخارجة عن سيطرة الحكومة تمت الموافقة عليه لتوصيل مساعدات لتلك المناطق. ما يقارب 75% من الطلبات تم تجاهلها بشكل كامل .29 شرح أحد المسؤولين في الأمم المتحدة ان هذه الطلبات كانت تتعرض “للرقابة على مستوى الوكالات”، ما يدل على أن هناك لمحاولة لتخفيف عدد الطلبات خشية “إزعاج” الحكومة. إذا كان عدد الطلبات يعكس خطورة الوضع، لكانت نسبة الرفض لتلك الطلبات أعلى.

 

30 31 32 33 34 35 36 37

التحسن الطفيف الذي حصل في عام 2016 هو نتيجة وصول التفاوض على أيدي أفراد من المجموعة الدولية لدعم سوريا، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا.

 قامت الأمم المتحدة في العام 2015 بالوصول فقط الى 1.4% من المحاصرين، بالإضافة الى 8% من الناس في المناطق التي يصعب الوصول إليها كمعدل شهري.38 لأن تقارير الأمم المتحدة عن المناطق المحاصرة تستعمل إحصائية تقدر 486،700 نسمة بدلاً من العدد الحقيقي الذي يصل الى مليون شخص يعيش تحت الحصار، في الحقيقة فإن الأمم المتحدة تصل فقط الى أقل من 1% من المحاصرين. تشير أرقام برنامج الأغذية العالمي إلى أن معظم المساعدات الغذائية “عبر الخطوط “و التي دخلت سوريا قد تم توجيهها من قبل الحكومة إلى المناطق التي تسيطر عليها.
على حد تعبير مسؤول سابق في الأمم المتحدة، “انها عملية معيبة بشكل كبير وتراعي أحد الأطراف دون الآخر”.

“انها عملية معيبة بشكل كبير وتراعي أحد الأطراف دون الآخر”

أرقام زائفة

إن تقارير وكالات الأمم المتحدة حول تاثيرها في سوريا مبهمة ومضللة. تستعمل الوكالات عبارة “عدد الأشخاص الذين تم الوصول إليهم” كمعيار لفعالية عملهم الإنساني في سوريا. لكن كما اعتبر أحد العاملين في تجمع للمنظمات السورية والعالمية، تصريح الوكالات بوصولهم الى مليون شخص على سبيل المثال “هذا لا يعني ان المليون استلموا المساعادات التي هم بحاجة إليها”.

على سبيل المثال، أفاد تقرير أصدره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في شهر أيار / مايو من العام 2016 انه تم الوصول الى 255،250 شخص في المناطق المحاصرة منذ بدء العام 2016.39

هناك أشخاص من ضمن الـ 255،250 ممن تم الوصول إليهم مرة واحدة فقط. في حال عائلة واحدة من أصل خمسة عوائل استلمت سلة أغذية واحدة عن شهر كانون الثاني / يناير والتي تكفي لثلاثة أسابيع، تقوم الوكالات بضم عدد العائلة الى الـ 255،250 الذين تم الوصول اليهم في الثالث من أيار / مايو. أن الأمم المتحدة لا تقوم بحساب أرقامها تبعاً لنسبة الحاجة التي تم تأمينها، مع العلم ان النسبة قد تعطي صورة أوضح للواقع. أضاف أحد المسؤولين في الأمم المتحدة أنهم يحتسبون عدد الصناديق او الحاجيات التي يرسلونها بحسب عدد الأشخاص التي يمكنها ان تكفي حاجاتهم. لكنها لا تراقب بشكل دقيق ان كانت الصناديق قد وصلت الى الأشخاص المعنيين بها.

عقب اجتماع لفريق العمل الإنساني، استعملت مجموعة تتضمن الداعمين الرئيسيين للأطراف المتحاربة والأمم المتحدة والمبعوث في سوريا ستيفان دي ميستورا أرقام مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للقول انه تم الوصول الى 220،000 شخص في المناطق المحاصرة و النصف “أكثر او أقل” منذ شهر شباط/ فبراير. ولكن لأن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لا يعلن في تقاريره عن أعداد الأشخاص تحت الحصار، والذي قد يصل الى المليون، فإن نسبة الأشخاص ممن هم تحت الحصار وتم الوصول لهم هي أقرب الى 20%.

الأرقام في هذه الحالة هي أمر حاسم. عدد الأشخاص الذين تم “الوصول” إليهم هو مؤشر ضعف تأثير الأمم المتحدة وفعاليتها في سوريا. الأمر الذي لا نعرف أي شيء عنه.

عبر الحدود

الحالة القانونية

منذ ثلاث سنوات وما تزال الأمم المتحدة ترفض العبور الى الناس المعرضين للخطر في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية من خلال المساعدات عبر الحدود. رفضت وكالات الأمم المتحدة نصائح المختصين بأن خطوة كهذه تعد قانونية بسبب مخاوف من خلق عداء بينها وبين الحكومة.

من أجل الوصول إلى من هم في أشد الحاجة للمساعدات داخل المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، يجب أن يتم تسليم المساعدات إما عن طريق “عبور الخطوط”، وهو ما ترفضه الحكومة، أو العبور إلى الداخل السوري من الدول المجاورة – “عبر الحدود”.

رفضت الأمم المتحدة خلال السنوات الثلاث الأولى من النزاع توصيل المساعدات عبر الحدود من الدول المجاورة الى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية دون الحصول على إذن من الحكومة، معلنة عن قلقها بشأن شرعية هذه الخطوة،على الرغم من العوائق كان هناك حالة قانونية لذلك. أبلغت الحكومة السورية الأمم المتحدة ان عبور الحدود هو خط أحمر قد تتخلى عنه دمشق. اعتبر مسؤول سابق في الأمم المتحدة ان الأمم المتحدة كانت تصر على ان عبور الخطوط كافي، “في حين كانت جميع الأدلة ضدهم”.

أصدر ائتلاف من كبار المحامين الدوليين والأخصائيين القانونيين في العام 2014 رسالة مفتوحة الى الأمم المتحدة يقولون فيها انهم يحكمون بعدم وجود اي عائق قانوني أمام الأمم المتحدة في ما يخص تمرير المساعدات عبر الحدود”.40

أتبع الرسالة الصادرة عن المحامين تأييد عام من قبل منظمات إنسانية ومنظمات لحقوق الإنسان بالإضافة الى المعارضة السورية والمجتمع المدني السوري، فبدأت الأمم المتحدة بتمهيد الطريق للذهاب عبر الحدود.

تولى مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية زمام المبادرة في الضغط من أجل استصدار قرار جديد من مجلس الأمن ولكن واجه معارضة في ذلك الخصوص من قبل وكالات في دمشق مثل برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الصحة العالمية بحسب أحد المسؤولين في الأمم المتحدة، وكان ذلك لأنهم شعروا بأن إبقاء العلاقات مع الحكومة السورية هي أولوية.

أوضحت مقابلات مع مسؤولين في الأمم المتحدة ضمن احدى الدراسات التي أجريت حول موضوع إيصال المساعدات الإنسانية في سوريا ان “قرار الأمم المتحدة بتفادي إيصال المساعدات عبر الحدود بدون قرار مجلس الأمن الدولي كان متعمداً بهدف ضمان وصول الأمم المتحدة الى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية”.41

مع العلم ان اعطاء الأولوية للحفاظ على قدرة الوصول الى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة على حساب السعي للوصول الى من هم في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة حيث يسمح القانون والقدرات اللوجستية وحيث “الحالات الأكثر عوزاً” يعتبر مخالف للتوجيهات المعطاة والتي تحتم ان المساعدات الإنسانية يجب ان تعطى تبعاً للحاجة فقط، الأمر الذي يعتبر خرقاً لمبدأ الحياد.

أصدر مجلس الأمن الدولي في شهر تموز/ يوليو من العام 2014 القرار رقم 2165 الذي يعطي الإذن للأمم المتحدة لتوصيل المساعدات الإنسانية عبر الحدود:
“يصرح لوكالات الأمم المتحدة وشركائها المنفذين استخدام الطرق العابرة لخطوط النزاع والمعابر الحدودية التالية: باب السلام وباب الهوا واليعربية والرمثة بالإضافة الى المعابر التي هي قيد الاستخدام، من اجل ضمان توصيل المساعدات الإنسانية بما في ذلك الإمدادات الطبية والجراحية الى من يحتاجها في جميع أنحاء سوريا من خلال الطرق المباشرة، وذلك بعد إعلام الحكومة السورية. وتحقيقاً لهذه الغاية يشدد على ضرورة استخدام جميع المعابر الحدودية بهدف القيام بعمل الأمم المتحدة بشكل فعال.42

تم تجديد هذا التصريح من خلال القرار 2209 والقرار 2254 بالسماح للأمم المتحدة بتوصيل المساعدات عبر الحدود دون الضرورة للحصول على موافقة الحكومة السورية. تم التصويت على هذه القرارات بالإجماع بما في ذلك حلفاء الحكومة السورية مثل الصين وروسيا.

“قرار الأمم المتحدة بتفادي إيصال المساعدات عبر الحدود بدون قرار مجلس الأمن الدولي كان متعمداً بهدف ضمان وصول الأمم المتحدة الى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية”

سجلّ الأمم المتحدة حول توصيل المساعدات عبر الحدود

أنشأت الأمم المتحدة برنامج لتوزيع المساعدات عبر الحدود لكنها فشلت في الإستفادة من إمكاناتها الكاملة ،وهناك تهديدات بتقليص الوكالات الموجودة في دمشق في حال أرادت تريد التأثير او التحكم ببرنامج توزيع المساعدات .

إن عبور الحدود من تركيا والأردن والعراق هي الطريقة الأنجح للوصول لمن هم في المناطق التي ليست تحت الحصار ولكنها خارجة عن سيطرة النظام في سوريا بحسب مقابلات تم إجرائها مع عدد من المختصين في العمل الإنساني. كما دعى العديد منهم الى زيادة عمليات عبور الحدود واعتبار ذلك أولوية.

ولكن أوضح تقييم صادر في شهر آذار/ مارس من العام 2016 عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ان “فرصة عبور الحدود لم تؤدي بعد الى تغيير في حجم ونطاق العمليات الإنسانية في سوريا”. وجاء في التقييم نفسه ان “الوكالات الموجودة في دمشق كانت بطيئة في الاستفادة من الطرقات العابرة للحدود…وكانت حريصة على علاقتها مع الحكومة السورية”.43

اعتبر العديد من المسؤولين السابقين والحاليين في الأمم المتحدة ان النقص في في برنامج إيصال المساعدات عبر الحدود كان مؤشراً على التردد في إقصاء الحكومة بشكل كبير في هذا الشأن. كما قال مسؤول سابق في الأمم المتحدة، “يمكنك امتلاك كل القرارات في العالم…ولكن ما ان تذهب للقاء [نائب وزير الخارجية] فيصل المقداد وتجده يقول: “سيتم طردك من هنا في حال قمت بنقل المساعدات عبر الحدود”، فلن تقوم بنقل أي مساعدات عبر الحدود”.

يمكنك امتلاك كل القرارات في العالمولكن ما ان تذهب للقاء [نائب وزير الخارجية] فيصل المقداد وتجده يقول: “سيتم طردك من هنا في حال قمت بنقل المساعدات عبر الحدود، فلن تقوم بنقل أي مساعدات عبر الحدود“.

يجب توسيع برنامج توصيل المساعدات عبر الحدود ولكن هناك مخاوف من تقليص حجمه او التخلي عنه. أفادت منظمات سورية ودولية في العام 2016 عن حصول نقاشات مجدداً حول اعتبار توصيل المساعدات عبر الحدود انتهاكاً لسيادة الحكومة السورية. في اجتماع لأحد المنظمات مع المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية، لمّح فيه انهم يريدون توسيع عمليات توزيع المساعدات عبر خطوط النزاع على حساب عمليات التوزيع عبر الحدود. وقالت احدى المنظمات السورية ان “التهديد بتقليص حجم التوزيع عبر الحدود” يدعو الى “القلق”. تحدث أحد المسؤولين في الأمم المتحدة والعديد من العاملين في المجال الإنساني عن محاولات متكررة من قبل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في دمشق للتحكم بعمليات توصيل المساعدات عبر الحدود التي تقوم بها فروع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في تركيا والأردن.

3.2 مقارنة المناطق الخاضعة والغير خاضعة لسيطرة الحكومة

ان نتيجة خوف الأمم المتحدة في تمرير المساعدات عبر الحدود وعبر الخطوط هي اختلال شديد في كمية ونوعية المساعدات التي يتلقاها من هم داخل او خارج المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

يعيش المدنيين الأكثر ضعفاً في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة. يعانون من انعدام الخدمات وسبل العيش الفقيرة ومشاكل الحماية بالإضافة الى تقييد حركة التنقل للبشر والإمدادات.أما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، تمكنت الأمم المتحدة من ترميم المستشفيات وإمدادها بالخدمات الطبية وتفعيل برامج التعليم وبرامج الدعم النفسي والإجتماعي وسبل العيش المستدامة فضلاً عن تنفيذ عمليات توزيع للأغذية على نطاق واسع. في شهر نيسان / أبريل من العام 2016، تم توزيع 71.5% من المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.44

وفي إحصائية لنفس الشهر من عام 2015 تم توزيع 81,8%. الآن إن جميع المفاوضات ومحادثات السلام قد انهارت، قد تعود الإحصائيات إلى مستويات 2015.45

ومع ذلك، مجرد النظر في النسب أمر مضلل. طبيعة المساعدات تختلف جذريا لهاتين المنطقتين. في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة إن الأمم المتحدة قادرة على تشغيل مبادرات إعادة البناء، برامج سبل العيش والتعليم،46
فضلا عن تنفيذ عمليات توزيع الأغذية على نطاق واسع. في المقابل، مساعدات الأمم المتحدة التي تقدمها للمناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة تقتصر تقريباً على القوافل التي تحمل المساعدات .ا لا تلبي الإحتياجات الحالية للمدنيين. على سبيل المثال، قد تنهتي سلة غذائية في غضون أيام او أسابيع ولكن قد لا تصل القوافل مجدداً لأشهر او حتى لسنوات عدة. وكمثال على ذلك، بلدة مضايا تحت الحصار منذ تموز / يوليو من العالم 2015. عبرت إليها قافلة في شهر تشرين الأول /أوكتوبر. ولكن في شهر كانون الأول/ ديسمبر كان الناس هناك يموتون جوعاً.

والقوافل لا تلبي الحاجات الطبية أيضاً كما هو الأمر بالنسبة للغذاء. البنى التحتية الطبية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة قريبة الى الإنهيار بعد الضربات الجوية التي قامت بها الحكومة السورية وحلفائها على المستشفيات والمراكز الطبية. ومع ذلك، لأن المفاوضات وعمليات التوصيل تخضع للتحكم الشديد من قبل الحكومة السورية، تم إزالة المستلزمات والمعدات الطبية من القوافل بشكل روتيني.47

لأن المفاوضات وعمليات التوصيل تخضع للتحكم الشديد من قبل الحكومة السورية، تم إزالة المستلزمات والمعدات الطبية من القوافل بشكل روتيني

للأمم المتحدة علاقة عمل وثيقة مع الحكومة السورية لدرجة أن مقر منظمة الصحة العالمية في بعض المناطق كان داخل مبنى وزارة الصحة السورية.48 بالإضافة الى ذلك، تستفيد المناطق الخاضعة لسيطرة الأمم المتحدة من مشاريع مثل ندوة مشتركة بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية واليونسف حول الرضاعة الطبيعية في مكان العمل.49 أو مثل برنامج نظمته اليونسف بالتعاون مع ووزارة الدولة لشؤون البيئة يعنى بإشراك الأطفال في حماية البيئة.50 وتتعتبر هذه المشاريع جديرة بالثناء طبعاً ولكنها بالكاد تعتبر تدابير طارئة على الخطوط الأمامية في حين وجود من يتضورون جوعاً على بعد ثمانية كيلومترات ( خمسة أميال ) ، وفي حين تتحدث وكالات الأمم المتحدة عن نضالها من أجل تمويل إستجابتها للوضع في سوريا.

3.4 توصيل المساعدات دون رؤية

قلة المراقبة حيث تذهب المساعدات

في تقييم نشر في شهر آذار / مارس من العام 2016، اعترف مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بأن “لا يوجد حتى الآن جمع منهجي وعلمي للبيانات حول الإحتياجات في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية ولا حول التأثير الذي حصل حتى اليوم أو حتى أين ذهبت غالبية المساعدات.51” يذكر نفس التقييم الصادرعن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ان “مراقبة المساعدات التي تم تسليمها كان تحدياً كبيراً للغاية”.52

لا يوجد حتى الآن جمع منهجي وعلمي للبيانات حول الإحتياجات في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية ولا حول التأثير الذي حصل حتى اليوم أو حتى أين ذهبت غالبية المساعدات.”

على حد تعبير مسؤول سابق في الأمم المتحدة المساعدات الغذائية الخاصة ببرنامج الأغذية العالمي تسلم للهلال الأحمر العربي السوري او شركاء التنسيق الآخرين الذين يأخذونها للتوزيع. يسمح لبرنامج الأغذية العالمي بمراقبة بعض عمليات التوزيع بعد الحصول على إذن. والمهمات التي يمكن لهم التأكد منها يتم اختيارها من قبل الحكومة السورية. يقول مقيم لبرنامج الأغذية العالمي ان الموظفون يراقبون الوضع “عندما يكون ذلك ممكناً” ولكن ربع الزيارات التي تم الخطيط لها حصلت بين تموز / يوليو 2013 وآذار / مارس 2014 بسبب الأوضاع الأمنية.53 كما ان نموذج تقييم من طرف ثالث كان لديهم “وصول مباشر للمستفيدين ولكن بشكل محدود”.54

على حد تعبير مسؤول سابق في الأمم المتحدة حول العمل مع الهلال الأحمر العربي السوري، الشريك المنفذ المختار من قبل الحكومة السورية: “ان أعطيت المساعدات للهلال الأحمر، لا يمكن معرفة أي شيء عنها، الهلال الأحمر قد يفعل أو لا يفعل بها شيئ “.

“ان أعطيت المساعدات للهلال الأحمر، لا يمكن معرفة أي شيء عنها، الهلال الأحمر قد يفعل أو لا يفعل بها شيئ “.

لا تقدم خدمة تتبع الأمور المالية الخاصة بمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أي تقارير حول الأموال وكيف تم صرفها داخل البلاد.
أنفقت الأمم المتحدة أكثر من 3 مليارات دولار داخل سوريا منذ العام 2011.55 لا تستطيع الأمم المتحدة ان تضمن نزاهة تسليم المساعدات حينما، وبحسب تقييمها الذاتي، لا تملك اي بيانات منهجية حول توزيع المساعدات.

الأمم المتحدة في يوغسلافيا السابقة وفي سوريا: نهجين مختلفين في توصيل المساعدات

جل العملية الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا يظهر بشكل جلي بفضل جرأة عملها خلال الحرب في يوغسلافيا السابقة.

روت صحيفة الإندبندنت البريطانية كيف ان قوافل الأمم المتحدة كانت تسير الى الحدود بين البوسنة وصربيا وتنتظر 8 ساعات قبل ان تتمكن من العبور. بعد رفض دخولهم، “تعهد المسؤولون عن الدعم في الأمم المتحدة ممن أصيبوا بالإحباط ان يحاولوا مجدداً [في اليوم التالي]”. شرحت صحيفة الإندبندنت كيف ان المسؤول الأعلى عن اللاجئبن في الأمم المتحدة، خوسيه ماريا مينديلوتشي، واجه القائد الصربي-البوسني كاراديتش حول استخدام التجويع كسلاح. “أعلن منينديلوتشي انه سيعطي السيد كاراديتش جدول بأوقات مرور القوافل التي تنوي الأمم المتحدة استخدامها لمساعدة حتى 100،000 مسلم تم حصارهم في شرق البوسنة… “ولن نفاوض،موضحاً “.56

بعد مرور عام وفي العام 1994، قررت الأمم المتحدة بالإجماع انها لن تنتظر الإذن من الأطراف المتحاربة من أجل ارسال القوافل عبر خطوط النزاع.57

إن القوة التي أظهرها مينديلوتشي وعزم الأمم المتحدة للإعلان حول منع وصول المساعدات في الصحافة والوقوف في وجه قائد إحدى الأطراف المتحاربة يعتبر بعيد كل البعد عن حال عمل الأمم المتحدة في سوريا اليوم. فيما أعطى مسؤول المساعدات الانسانية للامم المتحدة في يوغوسلافيا السابقة تصريحات علنية لصحيفة واشنطن بوست قائلاً “لا يجب السماح للصرب في يوغسلافيا السابقة ان يقرروا متى يمكننا إطعام ماجلاي… ان كان هناك مكان مناسب للأمم المتحدة لتبرز قوتها الجديدة فهذا هو المكان الصحيح. ان الناس هنا عبارة عن جلد وعظام وهم بحاجة للطعام.58

” ولكن في سوريا، وعلى نقيض ذلك، امتنعت الأمم المتحدة عن انتقاد حصار مضايا بينما كان الناس هناك يموتون جوعاً وتقبلت موافقة الحكومة على إرسال قافلة مساعدات في آخر المطاف. ان المفاوضات حول الحصار توضح طريقة عمل الأمم المتحدة في سوريا وكيف تتميز بحذر شديد ومراعاة للحكومة والرقابة الذاتية.

3.5 استراتيجية التفاوض الفاشلة للأمم المتحدة

لا قوة في المفاوضات

عبر رفضها وضع اي شروط او خطوط حمراء في ما يخص تعاونها مع الحكومة منذ بدء الإنتفاضة، خسرت الأمم المتحدة الكثير من قوتها في التفاوض.

بحسب إعتراف الأمم المتحدة نفسها، في 90% من الحالات تفشل الأمم المتحدة في تأمين أذونات العبور التي تؤدي بدورها الى إيصال المساعدات.59

كمثال على ذلك، فاوضت الأمم المتحدة من أجل الدخول لبلدة داريا على مدى سنوات. لم تتمكن المنظمات الإنسانية من تقديم المساعدات الغذائية إلى المدينة منذ شهرتشرين الثاني /نوفمبر عام 2012.

نجحت الأمم المتحدة في الحصول على موافقة في شهر أيار / مايو من العام 2016 لأخذ اللقاحات والمستلزمات الطبية ومستلزمات النظافة وحليب الأطفال، دون الغذاء، للبلدة.تجمع الناس في انتظار القافلة في الثاني عشر من شهر أيار / مايو. ولكن تم توقيفها من قبل القوات الحكومية قبل وصولها الى البلدة والتي طالبت بإزالة حليب الأطفال والمستلزمات الطبية. استمرت المفاوضات بين الطرفين حتى المساء الى ان عادت قافلة الأمم المتحدة الى دمشق دون أن تقوم بتوصيل أي شيء الى داريا. من ثم قامت الحكومة السورية بقصف المدنيين الذين كانوا بانتظار المساعدات طوال النهار، مما أسفر عن مقتل والد و إبنه وإصابة خمسة آخرين.60

تعتبر المناطق المحاصرة أوراق مساومة، “يمكنها الحصول على الإغاثة فقط عندما يصبح ذلك ملائم سياسياً”.61

على حد تعبير بيار بوليه ديسبارو، مدير برنامج سوريا لمنظمة أطباء بلا حدود: “ترى الاطراف المتحاربة انها كلما أخذت الشعب إلى وضعية الرهينة، كلما أمكنها ذلك من التفاوض والتوصل إلى اتفاق”.62

تدرك الحكومة ان الأمم المتحدة التي لا تضع خطوطاً حمراء والتي تسير عملها وفقاً لإرادة الحكومة لا تملك القوة على التفاوض من أجل تأمين الوصول.

لذلك وجدت الأمم المتحدة نفسها في موقف ضعيف أثناء التفاوض حول استخدام التجويع كسلاح في الحرب، والذي يعتبر جريمة حرب. يفشل الوصول المبني على التفاوض في مساعدة من هم في أمس الحاجة للمساعدة.

“مفاوضات الواحدة بواحدة” أو “أذون الواحدة بواحدة”

التفاوض لا يؤدي الى الوصول، وفي أسوأ أحواله يمكن ان يضع المناطق في مواجهة بعضها عبر صفقات “الواحدة بواحدة”، محيلة الإحتياجات الإنسانية للسياسة وعقد الصفقات ومعاقبة المدنيين وتحفيز استخدام الحصار كتكتيك.

وضعت اتفاقية “البلدات الأربعة” تسوية تنص على ان في كل مرة تحصل فيها بلدات مضايا والزبداني المحاصرة من قبل الحكومة على المساعدات، يجب ارسال المساعدات الى بلدات الفوعة وكفريا المحاصرة من قبل مقاتلي المعارضة .

أدى ذلك الى مقتل مدنيين، من ضمنهم أطفال. في اليوم التاسع والعشرين من شهر آذار /مارس 2016، قام ثلاثة أطفال برفع قطعة من المعدن غريبة الشكل بالقرب من نقطة تفتيش مهجورة في بلدة مضايا. تعرف أحد الجيران على هذه القطعة وصرخ بهم، وعندما رموها على الأرض انفجرت مما أسفر عن مقتل أحد الأطفال على الفور. تم نقل الناجين الى مستشفى مضايا الصغير والغير مجهز، حيث استسلم أحدهم الى الموت بعد وقت قصير متأثرأ بجراحه. كان بالإمكان إنقاذ هذا الطفل في حال

تم نقله الى دمشق المجاورة، ولكن في “هذا المثال الجامح من مفاوضات الواحدة بواحدة” وفق تقييم إحدى المنظمات السورية، لم يتم السماح للطفل بالخروج لعدم توفر طفل آخر من الفوعة أو كفريا في حاجة الى إجلاء مماثل في الوقت نفسه. ولم يتمكنوا من إنقاذه في مضايا.

قال المتحدث بإسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك “نحن الآن في وضع غريب حيث يجب ان تكون مفاوضات الواحدة بالواحدة أو واحد مقابل واحد لعمليات الإجلاء حيث تخضع إحتياجات الناس الطبية الى الواقع السياسي”.63

في حين تنتقد الأمم المتحدة هذا الوضع، أحد المنظمات السورية التي عالجت الأطفال في مضايا ترى ان الأمم المتحدة “أيدت هذا الأمر لأنها المسؤولة عن تنسيق عمليات التوصيل”.

كما يقول الرئيس السابق للأونروا في دمشق: “لطالما كانت المساعدات تعتبر أوراق مساومة تستعمل بشكل كبير من قبل الحكومة ضمن النزاع… دور المساعدات المسيّس يأخذ الصدارة في رمي أي نفحة من الإستقلالية والنزاهة عرض الحائط”.64

 المنظمات الغير الحكومية الدولية والقيود نفسها

ان المنظمات الغير الحكومية الدولية التي تعمل من دمشق بموافقة الحكومة السورية تديرعملياتها في ظل القيود
نفسها التي تواجهها الأمم المتحدة. وبالتالي، تعتبر هذه المنظمات أيضاً في خطر الانحراف عن المبادئ الإنسانية

. عندما بدأت ميرسي كور، واحدة من أكبر مقدمي المساعدات في سوريا القيام بتوصيل المساعدات عبر الحدود، أجبرتها الحكومة على إغلاق مكتبها في دمشق. اضطرت مؤسسة ميرسي كور على الاختيار بين تقديم المساعدات للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة وتقديم المساعدات لمن يعيشون خارجها.65

واختارت الإبقاء على توصيل المساعدات عبر الحدود.

في حين أنه من السهل بالنسبة للحكومة السورية اجبار منظمة واحدة على الخروج من دمشق، يعتبر الأمر أصعب
بالنسبة للأمم المتحدة بسبب حجم المساعدات التي تقدمها والتأثير على سمعة الحكومة اذا ما غادرت الأمم المتحدة

في نهاية شهر أيار / مايو، ذكرت إحدى المنظمات السورية ان عدد من المنظمات الدولية كانت تنوي إعادة تأسيس مكاتب لها في دمشق وتخفيض وتيرة عملياتها في مناطق المعارضة.

رسائل من العالم الموازي – الغذاء

66 67

4 خسارة الأمم المتحدة لإستقلاليتها في سوريا

تعريف مصطلح الإستقلالية: “العمل الإنساني يجب أن يكون مستقلاً عن الأهداف السياسيّة والاقتصادية والعسكرية وغيرها من الأهداف التي يمكن لأي فاعل أن يملك فيما يتعلّق بالمناطق حيث يتم تحقيق العمل الإنساني”.

4.1 تأثير الحكومة على استراتيجية الامم المتحدة الإنسانية في سوريا

قدرة الحكومة السورية على التحكم بتمويل وإنفاق الأمم المتحدة تتخطّى صدّ إيصال المساعدات. الحكومة السوريّة قادرة أيضاً على ممارسة تحكم كبير على استراتيجية الامم المتحدة الإنسانية، مسبّبةً ضرر كبير لإستقلالية المنظّمة.

مفتاح أساسي لتأثير الحكومة السورية على استراتيجية الإنفاق الخاصة بالأمم المتحدة هي عبر خطّة الإستغاثة الإنسانية السورية. الملف المحضّر كلّ سنة، يحدّد المتطلّبات الماديّة لمنظّمة الأمم المتحدة من أجل عملها في سوريا والمنطقة وكيفيّة صرف المال. تمّ صرف أكثر من ثلاثة مليار دولار من قبل منظمة الأمم المتحدة في سوريا بين العام 2013 و2015.68 في العام 2016، الميزانية المطلوبة من قبل منظمة الأمم المتحدة لتطبيق استراتيجيتها داخل البلد هي 3,18 مليار دولار.69 العاملين في المجال الإنساني الذين تم مقابلتهم بهدف إجراء تقييم للـ OCHA تحدّثوا عن كيف أن الحكومة السورية راجعت الملف و”ناقشت المادة سطراً بسطر”، “على الطريقة السوفياتية”.70 التقييم يضع بإيجاز “على مستوى الدولة، إن الإستراتيجية ليست حكراً على الـ OCHA. في سوريا، كانت الحكومة هي المسيطرة .71

عادة ما تكون الحكومات جزءاً من تقييم الإحتياجات وتقوم بالموافقة على خطط التمويل. المشكلة في سوريا هي أن سيطرة الحكومة المتزايدة على صياغة الملف تم تحمّله منذ العام 2012 عندما تم نشر أوّل مناشدة.

 التقييم يضع بإيجازعلى مستوى الدولة، إن الإستراتيجية ليست حكراً على الـ OCHA. في سوريا، كانت الحكومة هي المسيطرة

إستقصاء الكلام عن الحصار

إن أثر تأييد الحكومة لهذا الملف، كما يصفها تقرير آخر مفوّض من قبل منظمة الأمم المتحدة، أتى واضحاً بشكل صادم خلال التحضير لخطّة الإستجابة الإنسانية في العام 2016. عدّلت الحكومة الملف لاستخراج عبارات “حصار” و”مناطق محاصرة”،و الأمم المتحدة وافقت.72

أحد العمال في المجال الإنساني سوري الجنسية، والذي كان مشاركاً في المفاوضات حول خطّة الاستجابة الإنسانية ذكر أن هنالك ضغط ملحوظ من قبل OCHA لتغيير الحاجات في مناطق محددة لتكون أكثر تلاؤماً مع ما يمكن الوصول إليه.

4.2 نفوذ الحكومة السورية على التوظيف

كما فصّل في المقدمة، كل موظّفي الأمم المتحدة الأجانب بحاجة إلى تأشيرة دخول من وزارة الخارجية للتواجد في البلد. أينما وجدوا في سوريا، يتم مراقبة تحرّكات موظفي الأمم المتحدة عن كثب من قبل أمن الدولة وأجهزة الإستخبارات. في عدّة حالات، حيث لم يتبع موظفو الأمم المتحدة خط الحكومة، طلب منهم مغادرة البلاد.

يصف عامل بارز في المجال الإنساني يعمل عن كثب مع الأمم المتحدة هذه المسألة بأن الحكومة السورية تمنح تأشيرات الدخول لجنسيات وأفراد “ينالون إعجابها” وبالتالي من تثق أنهم لن يتحدوا سلطتها. تظهر دماثة هذه الإمتيازات تفوق الحكومة على حساب الخبرة والكفاءة و تكشف عن عالم آخر من سيطرة الحكومة على عمليات الأمم المتحدة للإغاثة.

فشل عدد من موظفي الأمم المتحدة في الحصول على تجديد لتأشيرات الدخول من قبل الحكومة السورية. مسؤول حالي لدى الأمم المتحدة أشار الى أربع حالات،قال إن الوكالات اختارت أن تقبل بقرارات الحكومة على أمل الحصول على تأشيرات دخول لموظفين آخرين.

في معظم الحالات، لم تعلن الحكومة رسمياً أن موظّفاً لدى الأمم المتحدة هو “شخص غير مرغوب فيه” ولم تمنح يوماً سبباً محدداً لقراراتها هذه. في المقابل، سحبت الوكالات طاقمها بذريعة التناوب أو عمليات إدارية أخرى. في معظم الحالات، اتّهمت الحكومة موظفي الأمم المتحدة بالانخراط بالعمل السياسي ومساعدة “الإرهابيين”، فيما كان الموظفين يطبقون اتفاقيتهم بالوصول إلى المجموعات الأكثر ضعفاً وتأمين المساعدة للسكان النازحين.

ما يزال قرابة الـ 35 موظفاً لدى الأمم المتحدة إمّا محتجزين أو مفقودين في سوريا.73

وفقاً لموظّف لدى الأمم المتحدة على معرفة بهذه الحالات، تقريباً جميع الموظفين محتجزين من قبل الحكومة السورية . لم تنتقد منظمة الأمم المتحدة علناً الحكومة السورية يوماً لاحتجازها موظفيها في السجون حيث هناك مزاعم شائعة عن تعذيبات جماعية، بحسب ما تقول مجموعات تعنى بحقوق الإنسان.

 تعيين شكرية مقداد

في شباط 2016، تبين أن منظمة الصحة العالمية عيّنت شكرية مقداد، زوجة نائب وزير الخارجية فيصل مقداد، لتقييم الصحة العقلية لأناس أرغموا على مغادرة بيوتهم، رغم عدم خبرتها في هذا المجال.74 كانت مقداد قد عملت لمدّة عام مع الأمم المتحدة في سوريا قبل توظيفها من قبل منظمة الصحة العالمية، تم تعيينها لأول مرة في مكتب منسق الشؤون الإنسانية.

تواجدها خلق جو من الرعب والرقابة الذاتية في اجتماعات الامم المتحدة بحسب مسؤول سابق. زوجها، فيصل مقداد، يذكر غالباً على أنه المسؤول الحكومي الأساسي المسؤول عن منع وصول مساعدات الأمم المتحدة إلى المناطق المحتاجة. وكان مقداد أيضاً الناطق بلسان الحكومة فيما يتعلّق باتهامات جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، بما فيها مواجهة إنكار استخدام السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية في آب 2013 حين قتل المئات.

توظيف فرد من أفراد عائلة شخص متورّط إلى هذا الحد بالنزاع ليقوم بتقييم الصحة العقلية للنازحين غير ملائم أبداً ويشير إلى الاهتمام بإيجاد أحد يرضي الحكومة أكثر من الاهتمام بتعيين من هو مؤهّل للدور. تعيين شكرين مقداد أيضاً يظهر هيمنة الحكومة على عمليات الأمم المتحدة اليومية.

وسط الجو المثير للجدل، بما فيه نشر النيويورك تايمز للقصّة، استقالت شكرين مقداد ذاكرة بأن استقالتها تعود لـ “أسباب شخصيّة”. 75

4.3 سيطرة الحكومة على الشركاء

تزوّد وزارة الخارجية السورية لائحة موافق عليها بالجمعيات التي يسمح للأمم المتحدة أن تقيم معها شراكات لتوزيع المساعدات داخل البلد وعلى مدى خطوط الصراع.

تحديد الشركاء المحليين سمح الحكومة السورية بالسيطرة على تنفيذ العمل الإغاثي للأمم المتحدة، وترسيخ مشاركتها في شراء وتسليم البضائع بما فيها ولمن يتم تسليمها.

منذ بدء النزاع، أصرت الحكومة السورية على أن تمرّ المساعدات الإنسانية عبر الهلال الأحمر العربي السوري (SARC). على الهلال الأحمر أن يوافق ويشرف على كل العمليات والأعمال بصفته الشريك المنفّذ للمنظمات الإنسانية المانحة بما فيها منظمة الأمم المتحدة. وصف برنامج الأغذية العالمي الهلال الأحمر بـ”مساعد” الحكومة السورية.76

بينما يعمل مئات المتطوعون الشجعان مع SARC، مركز صنع القرار التابع له خاضع عن كثب للحكومة السورية. رئيس الهلال الأحمر العربي السوري، عبدالرحمن عطّار، هو رجل أعمال سوري غني جمع ثروته جزئياً بسبب علاقاته الوطيدة مع الحكومة السورية،77

بينما يشكك البعض في تعاطفه، قالت رئيسة إحدى المنظمات العالمية التي تعمل مع منظمة الأمم المتحدة، وهي على اطلاع على عمل الهلال الأحمر داخل سوريا، عن عطّار “إنه ليس رجل حرّ”. قالت أن السلطات السورية قد استخدمت أساليب قمع وحشية لتقييد الهلال الأحمر، وأشارت إلى أنه لم يكن من الوارد أن يتخذوا أي قرار بمعزل عن الحكومة.

قال مسؤول في الأمم المتحدة تمّت مقابلته لدراسة أخرى “تمّ استخدام الهلال الأحمر كوكيل للتجسس علينا وضبطنا”.78 أشارت الدراسة نفسها إلى أنه “كان على المنظمة الحصول على الإذن لفعل كل شيء، حتى بناء مرحاض “.79

وجدت إحدى الدراسات أن الهلال الأحمر استخدم نفوذه للموافقة على الوصول الإنساني “مثال على ذلك، مسؤولة لدى الأمم المتحدة في الأردن وصفت بأن من أصل 67 طلباً للهلال الأحمر عبر الحدود، ثلاثة فقط تمت الموافقة عليهم رغم وجود إثبات للحاجة. باعتقادها، كان هذا عقاب للوكالة لأنها كانت قد نشرت تقرير عن الخسائر البشرية المدنية وانتهاكات للحقوق”.80

تقرير آخر أجرى مقابلات لأكثر من 100 عامل في المجال الإنساني ،يتحدث التقرير عن أن “الموظفين العاملين في المجال الإنساني الذين قمنا بإجراء المقابلة معهم في سوريا أشاروا بأن الأغلبية الساحقة لعلاقات الأسد مرتبطة بالمناسب العليا في الـSACR سمح للحكومة بإعطائها نفوذ لا مثيل له عند اختيار المناطق التي تحصل على المساعدات ومتى”.81

علاقة الهلال الأحمر العربي السوري بالحكومة أدت إلى رد فعل عنيف من قبل بعض العاملين في المجال الإنساني. مديرية صحّة حلب الحرّة، وهي تجمّع يضمّ أكثر من إثنتي عشرة مستشفى ومركز طبي في حلب، خارج نطاق سيطرة الحكومة، مع مستشفيات أخرى في المحافظة رفضت العمل مع الهلال الأحمر العربي السوري في 30 آذار 2016. الإعلان ذكر أن المرافق الطبية قد تلقت المساعدات من الهلال الأحمر، رغم عدم وجود طلب رسمي. ورد في الإعلان أيضاً “المساعدات التي عرضت كانت لخدمة أهداف سياسية غير حيادية، وهذا يتعارض مع مبادئ العمل الإنساني الحكومي وغير الحكومي”.82

لهذا السبب، قالت المديرية أنها سوف “تسحب ثقتها” عن الهلال الأحمر و ترفض العمل معهم في كافة مرافقهم الطبية في حلب، ودعت زملائها في المجال الطبي الذين يعملون مع الهلال الأحمر “لتقديم استقالتهم فوراً إلى أن يثبتوا حيادتهم فيما يتعلّق بالمساعدات الإنسانية ووقف تسييسها”. بعد يوم واحد، في 31 آذار 2016، مركز الهلال الأحمر في إعزاز حلب، والذي يمتلك درجة من الإستقلالية عن الهلال الأحمر المركزي كونه واقع في منطقة غير تابعة للحكومة، أعلن أنه سوف يوقف عملياته “من أجل المصلحة العامة”.83

مديرية صحّة حلب الحرّة طلبت أيضاً من جمعية الصحّة العالمية “مراقبة نشاطات الهلال الأحمر العربي السوري وحثّهم على الالتزام بالحيادية مجدداً فيما يتعلّق بالإغاثة بشكل عام والرعاية الصحية بشكل خاص “.84

مراقبة المساعدات في SARC كانت أيضاً بالغة الصعوبة. يصف مسؤول سابق في الأمم المتحدة كيف أنهم أعطوا SARC مستلزمات نظافة تساوي آلاف الدولارات بناء على اتفاق بأن وكالة الأمم المتحدة سوف ترافقهم في يوم التوزيع. يصف المسؤول كيف أن الـ “SARC ذهبوا في يوم ما إلى قرية جاسم في درعا وأعطوا المستلزمات ألناس لا علاقة لهم بالأزمة”.وأضاف المسؤول أن هذا النهج يمكن وصفه بأنه “‘فقط أعطينا المواد ولا تسأل أي أسئلة”.

في تهديد لاستقلالية عمل الأمم المتحدة عبر الحدود، المذكرات التي تلقاها الباحثون في هذا التقرير تثبت أن الأمم المتحدة في دمشق عملوا بفعالية على تشكيل مجموعات ضغط لكي تشارك SARC في توزيع المساعدات عبر الحدود بين سوريا وتركيا.

أرسل مكتب المنسق الإقليمي مذكرة إلى الهلال الأحمر العربي السوري مارس 2016 قائلا أن طلب الهلال للمشاركة في تنسيق المساعدات عبر الحدود قد وافقت عليه الحكومة، وأشار إلى هذه الموافقة بمثابة تطور مرحب به.85

تبع هذا مذكرة ثانية من وزارة الشؤون الخارجية، الأمر الذي يدل بشكل واضح أن الطلب الأصلي تم طلبه من قبل الأمم المتحدة، وإعطاء الموافقة، مشيرا إلى “أهمية تنسيق توزيع المساعدات القادمة عبر الحدود مع الهلال الأحمر العربي السوري، في حين أن الهلال الأحمر العربي السوري هو الشريك الرسمي لأنشطة الأمم المتحدة للإغاثة في سوريا ومن أجل ضمان تسليم المساعدات بشكل آمن للمواطنين المتضررين من الأزمة وعدم الاستيلاء عليها من قبل الجماعات الإرهابية “.86

و قيام الأمم المتحدة على تشكيل مجموعات ضغط فعالة لكي يشارك الهلال الأحمر العربي السوري في توزيع المساعدات، وبالتالي تدخل الحكومة في عملياتها عبر الحدود،إن هذه المسألة تضع علامات إستفهام حول حياديتها واستقلاليتها.

المنظمات المشاركة حالياً في توصيل المساعدات عبر الحدود تلقّت لاحقاً تأكيدات من الأمم المتحدة أن الأمر لن يؤثر على نشاطاتهم، وأنه متمم لعملهم. هذا التوكيد يبدو مخالف لتوقّعات الحكومة السورية.

تمّ استخدام الهلال الأحمر كوكيل للتجسس علينا وضبطنا

 الجانب الآخر من الهلال الأحمر العربي السوري

كتب رئيس سابق لـOCHA سوريا في العام 2012 “في أسوأ حالاتها، فإن SARC هي عنق الزجاجة الإحتكاري، مضغوطة ومحكومة بشدّة من قبل النظام. بأحسن حالاتها، خاصة في المجال، هي منارة ملهمة من الأخلاق والخدمة”.87

مركز توثيق الإنتهاكات، مراقب سوري رائد في حقوق الإنسان، وثّق كيف أن العشرات من متطوعي الـSARC الشجعان قتلوا على يد الحكومة السورية لرفضهم الأوامر ومعالجتهم لمدنيين مصابين وتوصيلهم للمساعدات الإنسانية. أحد المتطوعين واسمه نور الدين لخوج، وهو مسعف في دمشق، اعتقل عند حاجز تابع للحكومة ومات بعد خمسة أيام على إثر التعذيب في مركز إحتجاز تابع للإستخبارات العسكرية. مسعف آخر في حمص قتل داخل سيارة الإسعاف عندما أطلقت عليه قوى الأمن تسع طلقات في صدره.88

تصف رئيسة منظمة غير حكومية عالمية كيف أنها شهدت متطوعين إثنين لدى SARC كانوا يبكون أثناء قيام قوى الأمن التابعة للحكومة بإخراج أحد المصابين من سيارة الإسعاف . قالت أنهما لم يكونا قادرين على التحدث ومنع أخذ المريض. كان الأمر ليؤدي فقط إلى اعتقالهما مع المريض

4.4 الهدن المحليّة

تمت الهدن المحلية بشكل خاص في المناطق التي شهدت قصف مكثّف، حصارات طويلة الأمد وحرمان من الطعام والمساعدات الطبية. شملت الهدن استسلام المقاتلين مقابل وعود بوقف القتال وتقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين.

تم انتقاد الهدن المحلية على أنها امتداد لسياسية الحكومة السورية “التجويع أو الاستسلام”، ورغم ذلك، فإن الأمم المتحدة أقرّتها. أشار المنسّق الإنساني لدى الأمم المتحدة في دمشق إلى الهدنة في حمص أواخر العام 2015 على أنها “مثال جيد” يمكن اعتماده في مناطق نزاع أخرى،89

مقترحاً استخدامها لتطبيق وقف إطلاق النار في كل أنحاء البلاد. أضاف المنسق أيضاً “نحن بحاجة إلى أن نكون أقوى وأكثر جرأة في القول أن هذا هو الحلّ الوحيد الموجود في الوقت الراهن”.90

في كثير من الحالات، سارعت الأمم المتحدة لإزالة هكذا مناطق عن لائحة المناطق المحاصرة فور تنفيذ هدنة مع الحكومة رغم أنه غالباً لم يتم احترام شروط الهدنة، ولم تتطابق هذه الشروط مع ظروف كاملة ودائمة لرفع الحصار.

في مثال قدمته Siege Watch، وهي مشروع رصد مشترك بين PAX والمعهد السوري، قامت مدينة المعضمية بهدنة محلية مع الحكومة في أواخر العام 2013. سمح بدخول شحنة مساعدات واحدة فقط إلى المدينة في تموز 2014. في تشرين الثاني أزيلت المعضمية عن لائحة الأمم المتحدة للمناطق المحاصرة. ولكن “في أوائل العام 2015، خرقت كل شروط الهدنة تماماً”.91

بعد عام عادت صور لأطفال وكبار بالسن يتضورون جوعاً لتنتشر من جديد.

وجدت Siege Watch أن عدم تبليغ الأمم المتحدة عن الحصارات، مشاركتها في الهدنات المحلية، وتوصيلها للمساعدات “قد يؤيّد ويشجّع دون قصد توسيع سياسة “التجوع أو الإستسلام” المعتمدة من قبل الحكومة السورية.92

 هدنة حمص برعاية الأمم المتحدة

خلال هدنة حمص برعاية الأمم المتحدة في العام 2014، تم اعتقال العشرات من الفتيان والرجال بين الأعمار 15 و54 خلال إخلاء الجزء المحاصر من المدينة حيث عانوا على مدى شهور من نقص في التغذية والطبابة.

تم لاحقاً إطلاق سراح معظمهم، ولكن مسؤول في الأمم المتحدة تابع الموضوع وأكد أن بعضهم أرغموا على الالتحاق بصفوف الجيش السوري. مسؤول آخر لدى الأمم المتحدة قال إن بين الـ50 والـ60 شخصاً مازالوا مفقودين. أضافت أيضاً بعدم القيام بأية إجراءات لمتابعة حالتهم.

كان يجب على الأمم المتحدة أن لا توافق على اتفاقية تتضمّن احتجاز الأطفال.

المنسق الإنساني لدى الأمم المتحدة أقرّ وقتها أن الأمم المتحدة غير مجهّزة للتعامل مع الإحتجازات، وأدرك متأخراً أنه كان على اللجنة الدولية للصليب الأحمر تولي الموضوع، كونهم يمتلكون الخبرة في هذا المجال.93

5 عن الإنحياز: فقدان الأمم المتحدة للحيادية في سوريا

تعريف مصطلح الحيادية: “يجب على الجهات الفاعلة إنسانياً أن لا تأخذ جانباً خلال الأعمال العدائية أو الدخول في أي جدال ذو طابع سياسي أو عرقي أو ديني أو أيدولوجي.”

5.1 السكوت عن الحصارات

لقد ضللت الامم المتحدة العالم فيما يتعلق بمدى مسؤولية الحكومة السورية عن ما يعتبر عادة جرائم حرب – محاصرة المدنيين، والعقاب الجماعي واستخدام الطعام كسلاح في الحرب.

الفشل في تصنيف الحصارات

توصيف الأمم المتحدة للحصارات تعد مبهمة في أحسن الأحوال ومسيسة في أسوأ الأحوال. في الوقت الذي كان الناس يموتون من الجوع في أوائل العام 2016، لم تصنف مضايا تحت الحصار.

وبالمثل في شهر تموز/ يوليو من العام 2015، قامت الأمم المتحدة بإزالة مخيم اليرموك من قائمة المناطق المحاصرة في الوقت الذي لم تتمكن من توصيل المساعدات منذ أربعة أشهر. عاد اليرموك الى قائمة المناطق المحاصرة في شهر كانون الثاني /يناير من العام 2016 بالإضافة الى مضايا .94

إن الأمم المتحدة لا تعلن عن الأعداد الحقيقية لمن يعيشون تحت الحصار. قامت الأمم المتحدة بمراجعة أعداد الأشخاص الذين يعيشون تحت الحصار وعدلته من 350,000 إلى 486,700 في شباط/ فبراير بعد تعرضها لإنتقادات عديدة بسبب تقليل الرقم. ومع ذلك قامت Siege Watch باستخدام معايير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الخاصة لتوصيف الحصار وبناءً على مقابلات قامت بها مع شبكة واسعة من المناطق المحاصرة، يوضح أن العدد هو أكثر من مليون.95

التصنيف الصحيح للحصارات هو أمر حاسم لتحديد أولويات المناطق للاستجابة الإنسانية، إضافة إلى ممارسة الضغط على الجهات المسؤولة للالتزام بالقوانين الإنسانية العالمية.عدم تقديم التقارير عن الحصار ساهم أيضاً بتشويه إحصائيات الأمم المتحدة فيما يتعلّق بنسبة المدنيين المحاصرين التي تستطيع الوصول إليهم، مما جعل الأمر يبدو وكأنها تصل إلى نسبة أعلى من الواقع.

الفشل في إسناد المسؤولية الكاملة للحكومة في الحصارات

وقامت الأمم المتحدة أيضا بتقليل دور الحكومة في محاصرة المدنيين عن طريق حجب على من تقع عليه مسؤولية الحصار.

بحسب تقديرات الأمم المتحدة في شباط 2016 ” إن ما يقارب الـ486700 شخص يعيشون حالياً في مناطق محاصرة – 274200 منهم محاصرين من قبل الحكومة السورية، 200 ألف من قبل داعش، 12500 من قبل مجموعات مسلّحة وجبهة النصرة”.96

هذا التقدير ينسب تقريباً نصف الحصارات لداعش، بناءً على عدد السكان الذي يبلغ 200 ألف يعيشون تحت الحصار في دير الزور. ووفقاً لهذه الأرقام، فإن الحكومة السورية مسؤولة عن 56% فقط من الناس الذين يعيشون تحت الحصار.

في إحصائية لـ Siege Watch، الحكومة السورية لها ضلع في حصار أكثر من 99% من المحاصرين. وبحسب Siege Watch فإن

– ما يقارب الـ “85% من السوريين المحاصرين في 37 مجتمع، تحاصرهم الحكومة السورية وحلفائها بشكل كامل في دمشق وريف دمشق و محافظات حمص.
-ما يقارب الـ 14% من السوريين المحاصرين في 7 مجتمعات محاصرين من قبل الحكومة السورية وجماعات مسلحة مع بعض . في دير الزور الحصار يتم من قبل داعش في حين فرضت الحكومة السورية قيوداً على سبل التحرك في الداخل. أما جنوبي ريف دمشق (القدم وببيلا وبيت سحم والحجر الأسود واليرموك ويلدا)، فإن الحصار الأولي فرضته الحكومة السورية ولكن داعش وبعض الجماعات المسلحة فرضت قيوداً على سبل التحرك ضمن الحصار.
– 1% من السوريين المحاصرين في مجتمعين تقوم بحصارهم جماعات المعارضة المسلحة بشكل كامل، بما في ذلك جبهة النصرة، في محافظة إدلب.”97

المقيمين في دير الزور يقولون أنهم محاصرين من قبل داعش والحكومة السورية. فبينما تحاصر داعش المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة من الخارج،السكان الذين يعيشون تحت الحصار ممنوعين من المغادرة من قبل القوات الحكومية، و التي تسيطر أيضاً على القرارات فيما يتعلّق بتوزيع المساعدات. ولفترة طويلة، منعت الحكومة الأمم المتحدة من الوصول إلى مطار داخل المدينة، كان بالإمكان استخدامه لإيصال المساعدات، ومازالت ترفض استخدام قاعدة الحوامات لهذا الهدف.98

يقول المقيمون في دير الزور إن الحكومة تمنع المساعدات عن المنطقة بهدف الحفاظ على سيطرتها على السكان المحليين، وهم كانوا من أوائل الذين انتفضوا بوجه حكم بشار الأسد. هنالك أيضاً تقارير واسعة الانتشار عن ارتشاء عناصر القوات الحكومية من المدنيين لمنحهم الطعام والإذن لمغادرة الحصار على متن الحوامات.99

رسائل من العالم الموازي – الأطفال


100 101

التغطية على إدانة تكتيكات الحصار التي تقوم بها الحكومة

على الرغم من تورط الحكومة السورية بحصار ٩٩٪ من المدنيين، يتحاشى مسؤولو الأمم المتحدة في دمشق التصريح العلني عن ذلك. حتى أنهم نادراً ما حصروا المسؤولية بدور الحكومة السورية في هذا الحصار، فلم يتم ذلك إلا في حالات استثنائية

يظهر التجنّب المتعمد في إلقاء الضوء على المسؤلية الواضحة للحكومة في قضية داريا. في 12 أيار من هذا العام، تم إعادة قافلة مشتركة للأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي من المدينة، حيث كان المدنيين على وشك الموت جوعاً. بعد إعادة القافلة تم قصف المدينة من قبل قوات الحكومة السورية وقتل شخصين. تصريح الأمم المتحدة يومها لم يأتِ على ذكر القتل ولا منع القوات الحكومية للقافلة بالمرور. ذكر ببساطة “تستمرّ الأمم المتحدة بدعوة جميع الأطراف إلى رفع الحصار عن المدنيين في سوريا”.

كذلك، فإن قضية مضايا تعطي نظرة ثاقبة إلى أيّ حد أخفت الأمم المتحدة نقدها لمسؤولية الحكومة السورية إزاء الحصارات. في 6 كانون الثاني، بعد بدء حالات الموت بسبب الجوع،انتشرت مذكرة داخلية داخل OCHA، معنونة “داخلية، غير قابلة للاقتباس” أشارت إلى “ظروف بالغة الصعوبة” و”سوء تغذية حاد” في مضايا.102

في اليوم التالي، أصدر منسّق الشؤون الإنسانية بيان علني استهلّه بالتعبير عن قلقه بشكل خاص فيما يتعلّق بأربع مدن – حيث الوضع أفضل بكثير من مضايا – إثنتين منهن كانت محاصرة من قبل مجموعات مسلحة. يتابع التصريح ليذكر تقارير موثوقة عن مجاعة في مضايا في المقطع الثاني فقط، دون إلقاء أي لوم. هذا الأمر جعل قضية مضايا تبدو كقضية ثانوية، رغم أن المذكرة الداخلية في اليوم السابق تثبت أن OCHA كانت على دراية بمدى خطورة الأزمة في مضايا.103

أخيراً أدخلت الأمم المتحدة قافلة إلى داخل مضايا وإلى المنطقتين الواقعتين تحت قبضة المسلحين في الوقت نفسه، في 11 كانون الثاني 2016. في 12 كانون الثاني وصف منسّق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة الوضع الإنساني المروّع في مضايا، ولكنه صرّح للصحافيين “يمكنني أن أقول أن الوضع مماثل لأي من الأوضاع حيث يتم استخدام الحصار كأداة حرب”.104

لا يمكن لمن يقرأ تصريح منسّق الشؤون الإنسانية أن يعلم بأنه في ذلك الوقت كان سعر كيلو الأرز في مضايا 256 دولار، بالوقت الذي كان سعره 1,25 دولار فقط في المناطق المحاصرة من قبل المجموعات المسلحة. عشرات الأشخاص كانوا قد جاعوا حتى الموت في مضايا، في حين لم يمت أحد جوعاً في المناطق المحاصرة من قبل المسلحين.

في الواقع، كلّ حالات الموت المتعلّقة بالحصار ظهرت في المناطق المحاصرة من قبل الحكومة السورية وحلفائها، بينما لا يوجد أي ذكر لهذا الأمر في تصريحات الأمم المتحدة.105

آثار السكوت عن الحصار – النزاهة والحيادية في خطر

إعتبرت الأمم المتحدة أن الإعلان عن المدى الكامل لتكتيكات الحصار الخاصة بالحكومة من خلال التصنيف الدقيق وإسناد المسؤولية والإدانة الصريحة قد يغضب الحكومة ويؤدي الى “معاقبة” الأمم المتحدة عبر منعها من القيام بالمزيد من عمليات إيصال المساعدات أو حتى طردها من البلاد.

الحكومة السورية هي المستفيد الأكبر من إعلام الأمم المتحدة المتعلق بالحصار . ساهمت الأمم المتحدة في دعم البروباغاندا الإعلامية للحكومة بتحريفها وقائع النزاع أمام العالم الخارجي.

 منظمة الصحة العالمية وشلل الأطفال

لعبت منظمة الصحة العالمية واليونسف دوراً في فشل محاولات منع ظهور وانتشار الوباء في سوريا من خلال فشلها في اتخاذ موقف مستقل من الحكومة السورية في موضوع شلل الأطفال، ما أدى الى معاناة وعجز تسعين طفلاً على الأقل وإصابة عشرات الألاف وإعاقة المحاولات العالمية للقضاء على هذا المرض الخبيث.106

منذ بداية الإنتفاضة في العام 2011 على الأقل، قامت الحكومة بإقتطاع وحتى إيقاف لقاحات شلل الأطفال في المناطق غير المتعاطفة معها سياسياً.

في شهر ديسمبر من العام 2012، لم تمنح منظمة الصحة العالمية منطقة دير الزور برنامج لقاحات بناءً

على تقارير من الحكومة بأن المنطقة تم إخلائها من السكان، على الرغم من أن برنامج الأغذية العالمي كان لا يزال يقوم بتوزيع المواد الغذائية على السكان هناك. بحسب خبراء الصحة Coutts Fouad “ظهر شلل الأطفال مجدداً في هذه المنطقة بعد عشرة أشهر”.107

تروي خبيرة الصحة العامة وطبيبة الرعاية الحرجة للأطفال، الدكتورة أني سبارو، كيف ان وزارة الصحة السورية رفضت التحقيق في تقارير كثيرة حول حالات في دير الزور رافضة الإعتراف ان شلل الأطفال بدء بالانتشار.108

مع بداية شهر تشرين الأول /أكتوبر أرسل أطباء من هيئة المساعدات في المعارضة، وحدة تنسيق المساعدات، عينات الى مستشفى في تركيا ليتم فحصها. أمرت منظمة الصحة العالمية المستشفى التركي بعدم قبول العينات، لأنها قد أزيلت من نطاق عمل منظمة الصحة العالمية في سوريا.109

و كتبت سبارو ان وزارة الصحة التركية أخذت المبادرة لإختبار العينات بنفسها وأكدت أنها كانت إيجابية. وفي ذلك الحين، مع نهاية شهر تشرين الأول /أكتوبر، أعلنت وزارة الصحة السورية أنها وجدت “شلل الأطفال” في العينات الخاصة بها وأعلنت حينها منظمة الصحة العالمية عن إنتشار شلل الأطفال.110

في شهر نوفمير من العام 2013، قامت مجموعة من المنظمات غير الحكومية التي تعمل مع وحدة تنسيق المساعدات بتشكيل فريق عمل لحماية 2.7 مليون طفل هم الأكثر عرضة للخطر. لكنهم عانوا من نقص في اللقاحات، التي لم تستطع أو لم تقدمها وزارة الصحة السورية ومنظمة الصحة العالمية واليونيسيف. حاولت منظمة أطباء بلا حدود هولندا شراء اللقاحات من الشركة المصنعة مباشرة ولكن قامت اليونسف “بالنيابة عن الحكومة السورية”، بحسب سبارو، ومنعت ذلك التدبير. ولم تسمح الحكومة لليونسف أو منظمة الصحة العالمية بالعمل مع وحدة تنسيق المساعدات في ذلك الوقت ما يظهر تقويض تدابير الوقاية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة.111

فشلت وزارة الصحة السورية ومنظمة الصحة العالمية في منع أوإكتشاف تفشي مرض شلل الأطفال في مراحله الأولى ربيع عام 2013. ومع ذلك، استمرت الوزارة ومنظمة الصحة العالمية بالإدعاء بأن نظام الكشف المبكر “تم انشائه ويعمل بشكل سليم” منذ آواخر شهر كانون الأول /ديسمبر. مع بدء العام 2014، بينما استمرت وحدة تنسيق المساعدات ووزارة الصحة التركية بإكتشاف حالات جديدة، كانت تصر منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة السورية أن الوباء هو تحت السيطرة.112

جميع حالات شلل الأطفال وقعت ضمن المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة حيث عمدت الحكومة الى منع التلقيح ولم تحافظ على خدمات الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب بحسب ما كتبته سبارو.113

بحسب أحد المسؤولين، قامت وكالات الأمم المتحدة والحكومة مرة واحدة بقبول فكرة ان التغلب على

مرض شلل الأطفال يحتاج الى حملات تلقيح عبر الحدود في حال تم تسهيل هذا الأمر.

تشمل نتائج خنوع منظمة الصحة العالمية لنهج الحكومة بالتعامل مع شلل الأطفال وعدم القدرة على اقتفاء مصدر المرض واحتوائه بالإضافة الى تأخير إعلان منظمة الصحة العالمية عن بدء تفشي المرض ليتم اتخاذ اجرائات معينة وعدم القدرة على استعمال المعلومات المستوردة من وزارة الصحة التركية. سمحوا لسياسة التذرع بمنعهم من تلبية احتياجات الحالات الأكثر عوزًا وعرقلة محاولات الأخرين لتلبيتها. سمحت الأمم المتحدة بل وسهلت استخدام الحكومة للحرمان من اللقاحات والرعاية الطبية كسلاح في الحرب، ما شكل خرق واضح لمبادئ النزاهة والاستقلال والحياد.

5.2 التغيير الديموغرافي

شهدت هدنة محلية تمت بمساعدة الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2015 على التوافق بين مؤيدين للحكومة ومعارضين لها في منطقتين مختلفتين و ذلك على مقايضة الأراضي فيما بينهم ووقف القصف وحصار المدنيين واحترام وقف إطلاق النار لستة أشهر.114

ولكن ما يثير الجدل انها شملت تبادل طائفي للسكان ،المسلمين الشيعة في إدلب و مغادرتهم الى مناطق تابعة للحكومة ونقل المسلحين المسلمين السنة وعائلاتهم من الزبداني الى إدلب التابعة للمسلحين . وعلى حد تعبير صحيفة نيويورك تايمز، يثير ذلك “شبح التغير الديموغرافي الإجباري”.115

قال أحد المتطوعين في العمل الإنساني في دوما حيث يخشى من حصول الأمر نفسه لبلدته، “كيف يمكن لذلك ان يحصل؟ لا يستطيعون تأمين رغيف خبز لنا ولكن اطلب منهم تطهير الزبداني وحمص وسيكونون على استعداد خلال دقيقتين. الأمم المتحدة تشارك في التغيرات الديموغرافية.”

متطوع إنساني آخر يعيش تحت الحصار في حمص يُحمل مسؤولية الأمم المتحدة عن التغيرات الديموغرافية التي حصلت في حمص القديمة، فبعد سنوات بعد بدء سريان الهدنة التي كانت برعاية الأمم المتحدة لم يستطع الناس من العودة إلى ديارهم.

5.3 التأثير على ديناميات النزاع

المساعدات الإنسانية التي لا يتم توصيلها بنزاهة وإستقلالية لديها تأثير سلبي على ديناميكيات النزاع. تماماً مثل أي مورد رئيسي، يمكن للمساعدات الإنسانية ان تؤثر على تحركات السكان وعلى مستوى السخط الشعبي والاستقرار السياسي في منطقة معينة.

و في تحليل لتأثير المساعدات الغذائية الطارئة في البلد يصف كيف أن في سوريا بات من المعروف أن الناس يفرون من المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة الى المناطق الحكومية حيث يعلمون أن المساعدات الإنسانية تكون متوفرة هناك.116

أوضحت وقفة احتجاجية عنيفة في اللاذقية في عام 2014 ضد نقص الغذاء والوقود والكهرباء أهمية المساعدات بالنسبة للحكومة السورية من أجل الحفاظ على السيطرة والهدوء حتى في المناطق التابعة لها.117

وتشير نفس الدراسة ” دراسة الشؤون الدولية ” إلى أن “المواد الغذائية التي وزعتها وكالات الأمم المتحدة ومعظم المنظمات الإنسانية التي تدعي الحياد، قد ساهمت في دعم منطق السيادة والنتائج السياسية على خلاف تلك التطلعات المحايدة”.

بينما يستمر حرمان المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة من المساعدات الدولية، فإن تلك المساعدات تستمر بالتدفق دون رادع إلى مناطق سيطرة الحكومة. إن هذا الدعم غير المعلن لمناطق سيطرة الحكومة يحرر مصادر يرجح بأنها تستخدم من قبل الحكومة لدعم مجهودها الحربي.

على الرغم من أن الأمم المتحدة ستبرر أعمالها بالإشارة إلى المستفيدين من المساعدات التي تمكنت من إيصالها، إلا أنها تتجاهل عن عمد الآثار الهيكلية لعملية المساعدة التي تحولت حتى الآن عن مبادئها الإنسانية.لا يكفي القول بأنه يجري في الوقت الحالي الوصول إلى الملايين، في حين تحتاج الأمم المتحدة إذن للوصول إليهم.لم تقدر الأمم المتحدة أثر هذه التسوية ولم تقييم الدور الذي لعبته في تمكين بيئة مات فيها مئات الآلاف من المدنين جوعا بشكل منظم من قبل شريكها الرئيسي في سوريا، وهو الحكومة.

6. المصادر

Barnard, Anne, ‘Truce Struck in 2 Areas in Syria’, New York Times, 25 September 2015
http://www.nytimes.com/2015/09/26/world/middleeast/syria-rebels-reach-truce-with-assad.html

Chulov, Martin and Beals, Emma, ‘Aid group Mercy Corps forced to close Damascus operations’, The Guardian, 23 May 2014
http://www.theguardian.com/world/2014/may/23/aid-group-mercy-corps-forced-to-close-damascus-operations-syria

Coutts, Adam P. and Fouad, Fouad M., ‘Syria’s Raing Health Crisis’, New York Times, 1 January 2014
http://www.nytimes.com/2014/01/02/opinion/syrias-raging-health-crisis.html?_r=0

Dagher, Sam, ‘Fate of Hundreds of Men Evacuated From Homs and Detained in Doubt’, Wall Street Journal, 11 February 2015
http://www.wsj.com/articles/SB10001424052702303874504579377250947171122

Daragahi, Borzou and Dadouch, Sarah, ‘Here’s How Syria’s Regime Is Profiting From People Under Siege’, Buzzfeed News, 11 February 2016
https://www.buzzfeed.com/borzoudaragahi/heres-how-syrias-regime-is-profiting-from-people-under-siege?utm_term=.omDQj01rk#.dlgMAkLYV

Daraya Local Council https://www.facebook.com/profile.php?id=300477163480192&fref=ts
Darcy, James, Evaluation Synthesis and Gap Analysis, Syria Coordinated Accountability and Lessons Learning (CALL) Initiative, Report Commissioned by the Steering Group for Inter-Agency Humanitarian Evaluations, May 2016
https://interagencystandingcommittee.org/system/files/syria_call_esga_310316.pdf

Eng, Brent and Martínez, José Ciro, ‘Why international food aid can actually make conditions worse for starving Syrians’, Washington Post, 26 January 2016
https://www.washingtonpost.com/news/monkey-cage/wp/2016/01/26/why-international-food-aid-can-actually-make-conditions-worse-for-starving-syrians/

Gutman, Roy, ‘How the U.N. Let Assad Edit the Truth of Syria’s War’, Foreign Policy, 27 January 2016
http://foreignpolicy.com/2016/01/27/syria-madaya-starvation-united-nations-humanitarian-response-plan-assad-edited/

Gutman, Roy, ‘The UN knew for months that Madaya was starving”, Foreign Policy, 15 January 2016 http://foreignpolicy.com/2016/01/15/u-n-knew-for-months-madaya-was-starving-syria-assad/

‘Health Ministry, WHO and Unicef hold symposium on breastfeeding in the workplace’, SANA, 6 August 2015
http://sana.sy/en/?p=50684

Hearn, Roger, ‘A Catastrophic Failure in Syria: Why It Is Time to Admit That the International Community Cannot Deal With Conflict’, Huffington Post, 2 March 2016
http://www.huffingtonpost.co.uk/roger-hearn/syria-anniversary_b_9346526.html

Howe, Kimberly for King’s College London, Feinstein International Centre and Humanitarian Policy Group, Planning from the Future. No End in Sight: A Case Study of Humanitarian Action and the Syria Conflict, January 2016
http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/syria_case_study.pdf

Human Rights Watch, UN: Act on Failings in Sri Lanka, 14 November 2012
https://www.hrw.org/news/2012/11/14/un-act-failings-sri-lanka

Kenner, David, ‘Assad’s War on the Red Crescent’, Foreign Policy, 12 December 2012
http://foreignpolicy.com/2012/12/12/assads-war-on-the-red-crescent/

Lynch, Colum, ‘UN’s fear of angering Assad leaves gap in Syria aid effort’, Foreign Policy, 30 December 2014
http://foreignpolicy.com/2014/12/30/u-n-s-fear-of-angering-assad-leaves-gap-in-syria-aid-effort/

Martínez, José Ciro and Brent Eng, ‘The unintended consequences of emergency food aid: neutrality, sovereignty and politics in the Syrian civil war, 2012–15’, International Affairs, vol. 92:1, 2016, 153–173
https://www.chathamhouse.org/sites/files/chathamhouse/publications/ia/INTA92_1_08_MartinezEng.pdf

Oakford, Samuel, ‘The Syrian Regime is Blocking Aid to Hundreds of Thousands in Dire Need, despite Ceasefire’, Vice News, 8 April 2016 https://news.vice.com/article/the-syrian-regime-is-blocking-aid-to-hundreds-of-thousands-in-dire-need-despite-ceasefire

OCHA, About the Crisis, Accessed May 1, 2016 http://www.unocha.org/syrian-arab-republic/syria-country-profile/about-crisis

OCHA, Evaluation of OCHA response to the Syria crisis, March 2016
http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/OCHA%20Syria%20Evaluation%20Report_FINAL_0.pdf

OCHA, Joint Statement by Resident/Humanitarian Coordinator for Syria and Regional Humanitarian Coordinator for the Syria Crisis on the International Day of Solidarity with Detained and Missing Staff Members, 24 March 2016 http://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/joint-statement-residenthumanitarian-coordinator-syria-and-regional

OCHA, Syrian Arab Republic: 2016 UN Inter-Agency Humanitarian Operations (as of 3 May 2016), 4 May 2016 http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/2016%20UN%20Inter-Agency%20Operations%20(as%20of%203%20May%202016).pdf

OCHA, Under-Secretary General for Humanitarian Affairs and Emergency Relief Coordinator, Stephen O’ Brien, Statement to the Security Council on Syria, 27 January 2016
http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/ERC%20Stephen%20O%27Brien%20SecCo%20statement%20on%20Syria%2027Jan%202016%20CAD.pdf

Parker, Ben, ‘Humanitarianism Besieged’, Humanitarian Practice Network, November 2013
http://odihpn.org/magazine/humanitarianism-besieged/

Perry, Tom, ‘Ceasefire in Syria’s Homs a “good model” – U.N. Official’, Reuters, 11 December 2015
http://uk.reuters.com/article/uk-mideast-crisis-syria-homs-idUKKBN0TU24S20151211

Pomfret, John, ‘Serbs bar UN Aid Convoy’, Washington Post, 4 March 1994 https://www.washingtonpost.com/archive/politics/1994/03/04/serbs-bar-un-aid-convoy/3f60d530-2329-4426-9ff4-eb3f449dd76b/

Said, Haifa, ‘Ministry and Unicef Agree on Future Projects to Engage Students in Environment Protection’, SANA, 12 February 2016
http://sana.sy/en/?p=28350

Secretary-General’s Internal Review Panel on United Nations Action in Sri Lanka, Report of the Secretary-General’s Internal Review Panel on United Nations Action in Sri Lanka, November 2012 http://www.un.org/News/dh/infocus/Sri_Lanka/The_Internal_Review_Panel_report_on_Sri_Lanka.pdf

Sengupta, Somini,‘U.N. Agency Hires Wife of Top Figure in Syrian War to Assist the Displaced’, New York Times, 24 February 2016
http://www.nytimes.com/2016/02/25/world/middleeast/syrian-ministers-wife-named-to-assess-mental-health-of-the-displaced.html

Slemrod, Annie, ‘All you need to know about sieges in Syria’, IRIN, 12 January 2016
https://www.irinnews.org/fr/node/255942

Slemrod, Annie, ‘UN changes Syria siege list, adds Madaya and Yarmouk’, IRIN, 1 February 2016 http://www.irinnews.org/feature/2016/02/01/un-changes-syria-siege-list-adds-madaya-and-yarmouk

Sparrow, Annie, ‘Syria’s Polio Epidemic: The Suppressed Truth’, New York Review of Books, 20 February 2014 http://www.nybooks.com/articles/2014/02/20/syrias-polio-epidemic-suppressed-truth/

Sparrow, Annie, ‘The UN’s Role in the Sieges in Syria’, Foreign Affairs, 29 March 2016
https://www.foreignaffairs.com/articles/syria/2016-03-29/uns-role-sieges-syria

Syrian Network for Human Rights
http://sn4hr.org/

Tanner, Marcus, ‘Crisis for UN as Bosnian Serbs halt aid convoy’, The Independent, 15 February 1993 http://www.independent.co.uk/news/world/europe/crisis-for-un-as-bosnian-serbs-halt-aid-convoy-1473097.html

The Syria Institute and Pax, Siege Watch: First Quarterly Report on Besieged Areas in Syria, February 2016
http://siegewatch.org/wp-content/uploads/2015/10/PAX-RAPPORT-SIEGE-WATCH-FINAL-SINGLE-PAGES-DEF.pdf

The Syria Institute and Pax, Siege Watch: Table of Besieged Communities in Syria from Upcoming Siege Watch Report, February 2016
http://siegewatch.org/wp-content/uploads/2015/10/SiegeWatchTable-Final-for-release.pdf

‘There is no legal barrier to UN cross-border operations in Syria’, The Guardian, 28 April 2014 http://www.theguardian.com/world/2014/apr/28/no-legal-barrier-un-cross-border-syria

UNDP, 365 Days of Resilience in Syria, 2014
http://www.sy.undp.org/content/syria/en/home/library/poverty/365-days-of-resilience-in-syria/

United Nations, ‘Human Rights Upfront’ Initiative, 2013
http://www.un.org/sg/humanrightsupfront/

United Nations, Note to correspondents: Transcript of a press encounter with Jan Egeland, Special Advisor to the United Nations Special Envoy for Syria after today’s meeting of the Humanitarian Access Task Force, 17 March 2016 http://www.un.org/sg/offthecuff/index.asp?nid=4424

United Nations Mine Action Service, Syria Situation Analysis and Needs, March 2016
http://www.mineaction.org/programmes/syria

United Nations, Note to Correspondents: Transcript of press stakeout by UN Special Envoy for Syria, Mr Staffan de Mistura, 21 April 2016
http://www.un.org/sg/offthecuff/index.asp?nid=4483

United Nations, Overview: 2016 Humanitarian Response Plan & Regional Refugee and Resilience Plan, 4 February 2016
https://2c8kkt1ykog81j8k9p47oglb-wpengine.netdna-ssl.com/wp-content/uploads/2016/01/2016_HRP_3RP_Chapeau_Syria_FINAL_hi_res.pdf

United Nations, Statement of the Secretary-General on Internal Review Panel Report on Sri Lanka, 14 November 2012
http://www.un.org/sg/statements/index.asp?nid=6423

United Nations Security Council, Report of the Secretary-General on the Implementation of UN Security Council Resolutions 2139, 24 March 2014
http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/N1427034.pdf

United Nations Security Council, Report of the Secretary-General on the Implementation of UN Security Council Resolutions 2139, 2165, 2191 and 2258, 21 January 2016 http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/N1601118.pdf

United Nations Security Council, Resolution 2165, 14 July 2014
http://unscr.com/en/resolutions/2165

Violations Documentation Center in Syria http://www.vdc-sy.info/index.php/en/

Whole of Syria Inter-Sector Cluster Coordination Group, Final Monitoring Report of the Strategic Response Plan, 12 April 2016
http://reliefweb.int/report/syrian-arab-republic/syrian-arab-republic-final-monitoring-report-strategic-response-plan

WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, June 2015
http://documents.wfp.org/stellent/groups/public/documents/ep/wfp276497.pdf

WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, August 2015
http://documents.wfp.org/stellent/groups/public/documents/ep/wfp277661.pdf

WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, September 2015
http://documents.wfp.org/stellent/groups/public/documents/ep/wfp278920.pdf

WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, February 2016
http://documents.wfp.org/stellent/groups/Public/documents/ep/WFP282522.pdf

WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, January 2016
http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Syria%20External%20SitRep%20January%202016.pdf

WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, April 2016
http://documents.wfp.org/stellent/groups/Public/documents/ep/WFP283918.pdf

WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, July 2015
http://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/Syria%20External%20SitRep%20-%20July%202015.pdf

WFP Office of Evaluation, An Evaluation of WFP’s Regional Response to the Syrian Crisis 2011-2014, April 2015
http://www.wfp.org/content/evaluation-wfp%E2%80%99s-regional-response-syrian-crisis-terms-reference

WFP, Situation Update: Syria Crisis Response, April 2015
http://documents.wfp.org/stellent/groups/public/documents/ep/wfp275274.pdf

WFP Syria, Country Brief, March 2016
http://documents.wfp.org/stellent/groups/public/documents/ep/wfp272609.pdf

World Economic Forum 2016, Panel: Humanity on the Move, Video uploaded 8 February 2016
https://www.youtube.com/watch?v=kpVKJ9EKr5M

  1. OCHA, Evaluation of OCHA response to the Syria crisis, March 2016, p. 26
  2. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, April 2016
  3. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, August 2015
  4. United Nations Security Council, Report of the Secretary-General on the Implementation of UN Security Council Resolutions 2139, 2165, 2191 and 2258, 21 January 2016, S/2016/60, paragraph 48
  5. OCHA, Under-Secretary General for Humanitarian Affairs and Emergency Relief Coordinator, Stephen O’ Brien, Statement to the Security Council on Syria, 27 January 2016
  6. Darcy, James, Evaluation Synthesis and Gap Analysis, Syria Coordinated Accountability and Lessons Learning (CALL) Initiative, Report Commissioned by the Steering Group for Inter-Agency Humanitarian Evaluations, May 2016, p.7
  7. Lynch, Colum, ‘UN’s fear of angering Assad leaves gap in Syria aid effort’, Foreign Policy, 30 December 2014
  8. WFP Office of Evaluation, An Evaluation of WFP’s Regional Response to the Syrian Crisis 2011-2014, April 2015 , p.38.
  9. The Syria Institute and Pax, Siege Watch: First Quarterly Report on Besieged Areas in Syria, February 2016, p.13.
  10. The Syria Institute and Pax, Siege Watch: Table of Besieged Communities in Syria from Upcoming Siege Watch Report, February 2016.
  11. Figures obtained by email from the Syrian Network for Human Rights.
  12. United Nations, Note to correspondents: Transcript of a press encounter with Jan Egeland, Special Advisor to the United Nations Special Envoy for Syria after today’s meeting of the Humanitarian Access Task Force, 17 March 2016
  13. Darcy, p.7.
  14. OCHA, Evaluation of OCHA response to the Syria crisis, March 2016. p.5.
  15. Secretary-General’s Internal Review Panel on United Nations Action in Sri Lanka, Report of the Secretary-General’s Internal Review Panel on United Nations Action in Sri Lanka, November 2012, p.27
  16. Ibid
  17. Ibid, p.12
  18. Ibid, p. 110
  19. Human Rights Watch, UN: Act on Failings in Sri Lanka, 14 November 2012
  20. United Nations, Statement of the Secretary-General on Internal Review Panel Report on Sri Lanka, 14 November 2012
  21. http://sana.sy/en/?p=68899
  22. http://sn4hr.org/blog/2016/02/08/18102/
  23. http://sn4hr.org/blog/2016/02/08/18113/
  24. The Syria Institute and Pax, Siege Watch: First Quarterly Report on Besieged Areas in Syria, February 2016, p.13.
  25. See section 7.1 “Keeping quiet on sieges” for fuller explanation and background to this figure.
  26. Information obtained over email from the Syrian Network for Human Rights.
  27. OCHA, About the Crisis, Accessed May 1 2016
  28. United Nations Security Council, Report of the Secretary-General on the Implementation of UN Security Council Resolutions 2139, 24 March 2014
  29. OCHA, Under-Secretary General for Humanitarian Affairs and Emergency Relief Coordinator, Stephen O’ Brien, Statement to the Security Council on Syria, 27 January 2016, p.4-5.
  30.  In April 2016, more than 88% of UN food aid delivered from inside Syria went to government- controlled territory. Less than 12% went into territories outside the government’s control. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, April 2016
  31. In March 2016, more than 95% of UN food aid delivered from inside Syria went to government- controlled territory. Less than 5% went into territories outside the government’s control. WFP Syria, Country Brief, March 2016
  32.  In February 2016, more than 93% of UN food aid delivered from inside Syria went to government- controlled territory. Just over 7% went into territories outside the government’s control. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, February 2016
  33.  In January 2016, more than 96% of UN food aid delivered from inside Syria went into government- controlled territory. Less than 4% went into territories outside the government’s control. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, January 2016
  34. In September 2015, more than 98% of UN food aid delivered from inside Syria went to government- controlled territory. Less than 2% went into territories outside the government’s control. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, September 2015
  35. In August 2015, more than 99% of UN food aid delivered from inside Syria went to government- controlled territory. Less than 1% went into territories outside the government’s control. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, August 2015
  36. In July 2015, 98% of UN food aid delivered from inside Syria went to government-controlled territory. 2% went into territories outside the government’s control. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, July 2015
  37. In June 2015, more than 94% of UN food aid delivered from inside Syria went to government- controlled territory. Less than 6% went into territories outside the government’s control. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, June 2015
  38. Whole of Syria Inter-Sector Cluster Coordination Group, Final Monitoring Report of the Strategic Response Plan, 12 April 2016, p.5
  39. Ibid
  40. ‘There is no legal barrier to UN cross-border operations in Syria’, The Guardian, 28 April 2014
  41. Howe, Kimberly for King’s College London, Feinstein International Centre and Humanitarian Policy Group, Planning from the Future. No End in Sight: A Case Study of Humanitarian Action and the Syria Conflict, January 2016, p.12
  42. United Nations Security Council, Resolution 2165, 14 July 2014
  43. OCHA, Evaluation of OCHA response to the Syria crisis, March 2016, pp.15 & 26
  44. WFP, Emergency Food Assistance to the People Affected by Unrest in Syria, April 2016
  45. WFP, Situation Update: Syria Crisis Response, April 2015
  46. UNDP, 365 Days of Resilience in Syria, 2014
  47. United Nations, Note to correspondents: Transcript of a press encounter with Jan Egeland, Special Advisor to the United Nations Special Envoy for Syria after today’s meeting of the Humanitarian Access Task Force, 17 March 2016
  48. Coutts, Adam P. and Fouad, Fouad M., ‘Syria’s Raging Health Crisis’, New York Times, 1 January 2014
  49. ‘Health Ministry, WHO and Unicef hold symposium on breastfeeding in the workplace’, SANA, 6 August 2015
  50. Said, Haifa, ‘Ministry and Unicef Agree on Future Projects to Engage Students in Environment Protection’, SANA, 12 February 2016
  51. OCHA, Evaluation of OCHA response to the Syria crisis, March 2016, p.21
  52. Ibid
  53. WFP Office of Evaluation, An Evaluation of WFP’s Regional Response to the Syrian Crisis 2011-2014, April 2015, p. v & xi
  54. Ibid
  55. United Nations, Overview: 2016 Humanitarian Response Plan & Regional Refugee and Resilience Plan, 4 February 2016. $1.25 billion of funding was received for Syria in 2015; $1.12 billion in 2014; $959 million in 2014; $216 million in 2012.
  56. Tanner, Marcus, ‘Crisis for UN as Bosnian Serbs halt aid convoy’, The Independent, 15 February 1993
  57. Pomfret, John, ‘Serbs bar UN Aid Convoy’, Washington Post, 4 March 1994
  58. ibid
  59. OCHA, Under-Secretary General for Humanitarian Affairs and Emergency Relief Coordinator, Stephen O’ Brien, Statement to the Security Council on Syria, 27 January 2016, p.4-5.
  60. Interviews over Skype with members of the Daraya Local Council, 12 May 2016
  61. Slemrod, Annie, ‘All you need to know about sieges in Syria’, IRIN, 12 January 2016
  62. As told to IRIN. Slemrod, Annie, ‘All you need to know about sieges in Syria’, IRIN, 12 January 2016
  63. Oakford, Samuel, ‘The Syrian Regime is Blocking Aid to Hundreds of Thousands in Dire Need, despite Ceasefire’, Vice News, 8 April 2016
  64. Hearn, Roger, ‘A Catastrophic Failure in Syria: Why It Is Time to Admit That the International Community Cannot Deal With Conflict’, Huffington Post, 2 March 2016
  65. Chulov, Martin and Beals, Emma, ‘Aid group Mercy Corps forced to close Damascus operations’, The Guardian, 23 May 2014
  66. http://sn4hr.org/blog/2016/02/01/17751/
  67. http://sn4hr.org/blog/2016/02/01/17769/
  68. See p.19
  69. United Nations, Overview: 2016 Humanitarian Response Plan & Regional Refugee and Resilience Plan, 4 February 2016, p.17
  70. OCHA, Evaluation of OCHA response to the Syria crisis, March 2016, p.30
  71. Ibid, p.19
  72. Gutman, Roy, ‘How the U.N. Let Assad Edit the Truth of Syria’s War’, Foreign Policy, 27 January 2016
  73. OCHA, Joint Statement by Resident/Humanitarian Coordinator for Syria and Regional Humanitarian Coordinator for the Syria Crisis on the International Day of Solidarity with Detained and Missing Staff Members, 24 March 2016
  74. Sengupta, Somini,‘U.N. Agency Hires Wife of Top Figure in Syrian War to Assist the Displaced’, New York Times, 24 February 2016
  75. Resignation email seen by researchers
  76. WFP Office of Evaluation, p.8
  77. Kenner, David, Foreign Policy, ‘Assad’s War on the Red Crescent’, 12 December 2012
  78. Howe, p.20
  79. Ibid
  80. Ibid, p.19
  81. Eng, Brent and Martínez, José Ciro, ‘Why international food aid can actually make conditions worse for starving Syrians’, Washington Post, 26 January 2016
  82. Declaration of the Aleppo Free Health Directorate obtained by researchers of this report
  83. Letter from SARC Azaz obtained by researchers of this report.
  84. Declaration of the Aleppo Free Health Directorate
  85. Memo from the Office of Regional Coordinator to Dr Abdul Rahman Attar, SARC on 16 March, 2016. The memo was obtained by researchers of this report.
  86. Note verbale from the Ministry of Foreign Affairs to the UN Resident Coordinator on 10 March, 2016. The memo was obtained by researchers of this report.
  87. Parker, Ben, ‘Humanitarianism Besieged’, Humanitarian Practice Network, November 2013
  88. Archives of the Violations Documentation Centre
  89. Perry, Tom, ‘Ceasefire in Syria’s Homs a “good model” – U.N. Official’, Reuters, 11 December 2015
  90. Ibid
  91. The Syria Institute and Pax, Siege Watch: Table of Besieged Communities in Syria from Upcoming Siege Watch Report, February 2016
  92. Ibid
  93. Dagher, Sam, ‘Fate of Hundreds of Men Evacuated From Homs and Detained in Doubt’, Wall Street Journal, 11 February 2015
  94. Slemrod, Annie, ‘UN changes Syria siege list, adds Madaya and Yarmouk’, IRIN, 1 February 2016
  95. The Syria Institute and Pax, Siege Watch: Table of Besieged Communities in Syria from Upcoming Siege Watch Report, February 2016
  96. OCHA, Under-Secretary General for Humanitarian Affairs and Emergency Relief Coordinator, Stephen O’ Brien, Statement to the Security Council on Syria, 27 January 2016
  97. Figures obtained from Siege Watch over email.
  98. Daragahi, Borzou and Dadouch, Sarah, ‘Here’s How Syria’s Regime Is Profiting From People Under Siege’, Buzzfeed News, 11 February 2016
  99. Ibid
  100. http://sana.sy/en/?p=50684
  101. Data obtained from the Syrian Network for Human Rights, statements checked on Reliefweb
  102. Gutman, Roy, ‘The UN knew for months that Madaya was starving”, Foreign Policy, 15 January 2016
  103. Ibid
  104. Ibid
  105. Information obtained over email from the Syrian Network for Human Rights
  106. Sparrow, Annie, ‘Syria’s Polio Epidemic: The Suppressed Truth’, New York Review of Books, 20 February 2014
  107. Coutts and Fouad
  108. Sparrow, 2014
  109. Ibid
  110. Ibid
  111. Ibid
  112. Ibid
  113. Ibid
  114. Barnard, Anne, ‘Truce Struck in 2 Areas in Syria’, New York Times, 25 September 2015
  115. Ibid
  116. Eng and Martínez
  117. Martínez, José Ciro and Brent Eng, ‘The unintended consequences of emergency food aid: neutrality, sovereignty and politics in the Syrian civil war, 2012–15’, International Affairs, vol. 92:1, 2016, 153–173